سورة عبس وتولى تحقيق وبيان
سبب النزول لاخلاف بأن السورة نزلت بحق حادثه عبدالله بن ام مكتوم الاعمى والرسول وما جرى في الشأن الخاص بذلك والمعلوم ان اسباب النزول لبعض من السور والايات يسبقها أحداث قدرية كونيه يقدرها الله فتجري عليهاعلة التنزيل السببي فيفهم منها مايختص بالاسباب وماتجري عليه المقاصد والاحكام فيسهل الفهم وتحفظ مواطن التنزيل
الملاحظ أن سورة عبس أخذت حيزا من الجدل والخلاف في علة التنزيل أكثر من غيرها من السورمع ان تلك السورة الشريفه سورة حالها كحال غيرها من السورالحامله لعلة التنزيل ولكن شاء الله أن ينشغل الغلبه العامه من المسلمين في أسباب التنزيل فركنوا الى الأخذ بمجرى الحديث البشري المتواتر في تصويرالحادثة وتركوا الجانب التصويري للقران والذي إحتوى القصه بإيجاز بليغ في عدد من الايات الثمان الأولى من السورة
ذهب الكثيرالغلبة الى الجدل والخلاف حول أسباب النزول فمنهم من قال أن السبب للنزول غايته التوجيه والرد والعتب من الله على التصرف الخاطئ من الرسول تجاه الرجل الاعمى ومن هذا الباب ظهرمن يقدح في كمال تبليغ الرسول رسالات ربه أو خروجه عن شئ أو قصوره في شئ وكل هذا القول ظاهره وباطنه مردود بالاصل على الجهل بحقيقة الحادثة وعلى ماجرت عليه الاحداث فما أورد في الاقوال أن الرجل الاعمى عبدالله بن ام مكتوم حضر ليسأل عن الذكر وغضب الرسول من حضوره وتركه وإنشغل بدعوة غيره ممن هم ذوي شأن ومكانه من القوم وبهذا التأويل الخاطئ ذهب من حمل القول بأن السوره نزلت عتابا على فعل الرسول وبالتالي فتحوا بابا لمن هب ودب بأن يشكك في كمال إبلاغ النبي رسالات ربه لذلك سنورد هنا سرد حقيقة القصة ومعطياتها بناء على ماورد في القران الكريم بتصوير منطقي مستند للايات فقط ولن نحتاج من الاقوال والتفاسيرالإ فقط إسم الرجل الاعمى لأن الباقي تكلم عنه الحق في بيان موجزبالسورة وعلى ذلك نقول بسم الله
أ
ولا : إن أطراف الحادثة في القصه من الأشخاص هم أربعة أطراف أو أكثر
الطرف الأول الرسول صلى الله عليه وسلم أشارت اليه الايه ( عبس وتولى )
الطرف الثاني الرجل الأعمى ( أن جاؤه الاعمى )عبدالله بن ام مكتوم حصلنا عليه من الرواه
الطرف الثالث الرجل الاخر المبصر الذي يقود الأعمى ( المحضر للأعمى )
الطرف الرابع الرجل أوأكثر ذو البلاغة والمكانة ( الواقع عليه الفعل تصدى )
ثانيا : بيان ذلك وتفصيله
1 - الفعل ( عبس وتولى ) صادر من الرسول عليه السلام - العبس معناه تغيرملامح الوجه لعدم الرضا -- والتولي معناه الإنصراف والاعراض من دون الكلام
هذا الفعل والتصرف من الرسول عليه السلام هو فعل مرئي حركي صامت لا يمكن للاعمى الدرايه به وادراكه لذلك نقول ان حقيقة العيس انما هي رساله اعلام عائده بحق المبصر الذي معه - واما الانصراف ففعل حال يقتضي الموقف قعله لحفظ كرامة الاعمى ومشاعره فالعبس والتولي ليس بحق الاعمى بل بمن أحضرالاعمى
2- دليل وجود الطرف المبصرالقائم أوالمحضر للاعمى في الايات
أشارالسياق اللغوي في الايات لذلك فتمعن في الايه ( وأما من جاءك يسعى & وهو يخشى ) هذه المفترض تكن أيه واحدة وليست أيتين ولكنها فصلت بين يسعى * وهو لماذا لأن الأولى ( جاءك يسعى ) دال هذا الفعل لفاعله على القدره والابصار وحساب الزمان والمكان وهذا الفعل محال أن يقدره الاعمى فالسعي محال ان يفعله أي أعمى - الايه المفصوله منها وبعدها ( وهويخشى ) تمييز خاص إشارة لحال الاعمى وحده - ولأن القائم على السير بالاعمى هو بمحل العينين له فقط ورد التضمين الغيرمباشرفي الايات قي قوله تعالى ( إن جاؤه الاعمى ) خلاف ( ان جاءه الاعمى ) وفي قوله تعالى (وأما من جاءك يسعى & وهو يخشى ) كما شرحنا ذلك المتمرسين باللغة العربيه يعلموا مواضع ذلك
( أما من استغنى ) عائد على الطرف الرابع فردا او اكثر وقد يكن الاستغناء يعني المال والجاه وقد يكن يعني النظر وقد يكن العقل والبصيره
(فأنت له تصدى ) حال عائد على الطرف الرابع ومعنى التصدي هنا الرد على القول البليغ بقول أبلغ منه ويدل هذا على أن المخاطب أو المخاطبين ذو بصيره وبلاغه ومكانه
( فأنت عنه تلهى ) تلهى تشاغل بشئ عن الشئ لتأخير الشئ حتى يتناسب الفعل مع وقته ولا يصح القول بأن تلهى بمعنى التجاهل والاعراض ولا يصح أيظا أن نقول تلهى تعني إنشغل بشي مهم عن هذا الشئ لأن التلهي عن الشئ يكون فيما هو أدون من الشئ لا يكون التلهي فيما هو أعلى من الشئ وفي ذلك إن الغايه في إجابة الأعمى لزاما تحتاج لبيان وخصوصيه لا تصلح في الحال او في حضرة من معه
ثالثا : صيغة القصه بشكل بسيط
الصحابي عبدالله بن ام مكتوم رجل ضرير كان له حاجة وسؤال في أمر ما في دينه وقد يكن والله اعلم في باب التزكية ( فقه الأعمى تعلم الدين وتبليغه ) وكان هنالك من يعلم بأن الرسول بحضرة رجلا او رجال ذوي مكانه وِشأن يدعوهم للاسلام فإستغل هذا الرجل حاجة ابي مكتوم للذكر وأحضره مستعجلا يسعى به ليكن ضمن دائرة الحدث ولم يكن ذلك لأجل حاجة ابي مكتوم في الذكر بل لحاجة يضمرها هذا الرجل ويبطن غايتها ويقصد منها مايقصد
علم الرسول بغاية هذا الرجل وسريرته عندما راه محضرا ابي مكتوم فنظر اليه الرسول وعبس بوجه وانصرف وتركهما الاثنين واستمر في دعوة من كان يدعيهم والمفترض من هذا الرجل بعدما عبس الرسول بوجهه ان يبقي ابي مكتوم حتى يتفرغ الرسول لإجابته ولكنه لم يزل بابي مكتوم ليشغل به الرسول ويصرفه عن دعوته ويتسبب له بالحرج ولو كان ابي مكتوم مبصرا ما قبل ان يضع نفسه بهذا الموضع لم يجب الرسول على ابي مكتوم مباشره فأخره شيئا فشيئا وكان يرقب الرسول الوقت المناسب ليجيب ابي مكتوم عما يسأل ولا شك أن الرسول لم يغادرحتى أجاب ابي مكتوم عن سؤاله وأبان له حقيقة ماكان من الامر
من كان يدعوه الرسول حينها ويحاوره هم من ذوي المكانه والبصيره وحرص الرسول على تبليغ الرجل ومن هم في مقامه هو حرص على التبليغ ونشر الدين من قبل القادرين على ذلك وهذا التصرف من الرسول من الحرص المفرط والتكلف الزائد في إبلاغ رسالات ربه لذلك ختم الله هذا الحوار ( القصه) كامله بقوله ( كلا إنها تذكره ) أي يامحمد ليس عليك الا البلاغ من شاء فليذكر ومن شاء فليكقر يظهرهنا من ختم الحوارأن الله ينهى نبيه عن الحرص المفرط في التبليغ وليس عن الخطاء والقصورفي التبليغ كما يعللون لذلك في اسباب التنزيل أمران متناقضان تماما .
السورة ليست حكرا على حادثه حدثت في زمن الرسول وإنما في السوره من الاعلام والاخبار والاوامر والنهى مالله به عليم فتبارك الله اصدق الصادقين
إنتهى
الكاتب عبدالرحمن
قف وناظر
الرئيسية 
أحدث الصور 
موضوع: حقيقة سورة عبس 
