فقد كانوا أحرص الناس على اتباع الرسول إذ سمعوا صوته وشاهدوا صورته وأثنى عليهم القرآن الكريم بالفضل وهم الأجدر لمثل هذا المشروع إذ قد نجحوا في جمع القرآن الكريم في مصحف واحد فما المانع الذي منعهم عن جمع وكتابة الأحاديث في كتاب واحد؟؟؟؟
والإجابة على هذا السؤال تؤكد أنهم لم يهتموا بجمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عامدين متعمدين للأسباب التالية:
1- لعلمهم أن القرآن الكريم مكتمل الأحكام والشرائع وفيه كل ما يحتاجونه ويحتاجه الناس إلى يوم القيامة من خلال فهمهم لقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ولقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} فلا حاجة لهم لتدوين السنة مع وجود أدق التفاصيل في القرآن الكريم {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ولقوله: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
2- لأنهم وجدوا أقوال الرسول وأحاديثه وأفعاله التي تحدث بها معهم بكلماته ولهجته قد كتبها القرآن الكريم بأحسن الكلمات وأجمل الأساليب مثل ما فعل مع الأنبياء قبله كقول هود {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ} ونوح {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارً} وموسى { قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} وعيسى {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ المائدة} وامرأة فرعون {إذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} وقول النملة {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
لذا ما كان لهم حاجة أن يجمعوا أقواله وأفعاله طالما أن القرآن الكريم دونها وحفظها وهي كثيرة جدا ربما تصل إلى ثلث القرآن الكريم ومن أجل ذلك سمى الله تعالى أقوال الرسول قراناً {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ}فالضمير "إنه" يرجع إلى القرآن الكريم فاذا أردنا أن نبحث عن أحاديث الرسول المحفوظة من التحريف والتضعيف فعلينا أن نبحث عنها في نفس القرآن الكريم لا في البخاري ومسلم...الخ والأمثلة أكثر من أن تحصر.
مثل: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القرآن مَهْجُورًا} منْ صاحب هذه المقالة؟؟؟؟
ومثل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم} ألم يأمر الرسول أصحابه بغض البصر وحفظ الفرج؟؟؟؟
ومثل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}
و{قل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ......الخ
ففعل الأمر {قل} ذُكر في القرآن الكريم 290 مرة تقريبا وكل كلمة من فعل الأمر {قل} معطوفة على أربع أو خمس آيات تقريباً مثل المعوذات وسورة الإخلاص وهذا يعني أن أقوال الرسول في القرآن الكريم قد تصل إلى 1500 آية من أصل 6214 آية مجموع آيات القرآن الكريم.
لهذا السبب قال الله عنها لكثرتها {إنه لقول رسول كريم} ؟؟؟؟
أضف إلى ذلك كل نداءات الرسول للذين آمنوا أو للناس والمذكورة في القرآن الكريم في حدود 45 خطاباً موجه من الرسول للناس وللمؤمنين وهي تعني أقواله وأحاديثه كما يُفهم من السياق.
مثل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
ومثل سؤال الصحابة للرسول بكلمة وَيَسْأَلُونَكَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}فقد ورد قول يسألونك في القرآن الكريم 14 مرة وإجابات الرسول التي هي أحاديثه مسطرة في القرآن الكريم لكل سؤال.
كما ورد كلمة يستفتونك في موضعين
وورد كلمة وَنَبِّئْهُمْ {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} فأنبأنا الرسول عن قصتهم بالتفصيل من الآية (51) إلى الآية (77) من سورة الحجر
كما وردت كلمة أُنَبِّئُكُمْ في موضعين خاص بالنبي {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}
وورود كلمة أَفَأُنَبِّئُكُمْ {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
كما وردت كلمة بشر سواءً للمؤمنين أو للكافرين أو المنافقين في عشرة مواضع من القرآن الكريم
مثل: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}