نقد كتاب أحكام الأحداد
الكتاب تأليف خالد بن عبدالله المصلح
كما فى الكثير من المسائل التى تناولها الفقهاء نجد مسائل لا أصل لها فى كتاب الله ونجد الفقهاء يقيمون بناء على الهواء فيفرعون تفريعات على الأصل وفى النهاية نجد هذا البناء كومة من القش
الإحداد أو الحداد على الميت مسألة لا وجود لها فى الإسلام فتعريفها هو :
أن المرأة التى لها قريب ميت -وكل الِأحاديث المروية لا تذكر حكاية القريب وإنما تذكر كلمة الميت عامة ومن ثم فهى تعنى كل موتى المسلمين – عليها أن تمتنع عن بعض الأفعال فى اللباس والطعام والتزين والسكن والخروج
تحريم تلك الفعال على المرأة يتناقض مع إباحة زينة الله من لباس وطعام وغيرهم من الطيبات كما قال تعالى :
"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
تحريم بعض الأكل على المرأة كاللحم يناقض أن الطعام المحرم واحد على المسلمين والمسلمات وليس من ضمنه اللحم الحلال كما قال تعالى :
"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق"
قرأت العديد من الكتب المتعلقة بالفقه من المختصرات والموسوعات ونسيتها وفى تلك الكتب آراء لا يمكن وصفها إلا بوصف واحد إنها مجنونة ومن قالوها هم مجموعة من المجانين وفى هذا الكتاب يذكر لنا المؤلف عدة مسائل مجنونة مثل :
الزوجة المجنونة عليها الإحداد والعدة
الطفلة الزوجة عليها الإحداد والعدة
الزوجة الذمية عليها الاثنين
أين ذهبت عقول من قالوا تلك الأقوال فالثلاثة غير مخاطبين بالشرع حتى يتم إلزامهم بالأحكام وسيأتى ذكر تلك المسائل فى سياق تناول مسائل الكتاب
استهل المؤلف كتابه بسرد الأحاديث التى قيلت فى الإحداد فقال:
مسرد أحاديث الإحداد:
أولاً: أحاديث الصحيحين أو أحداهما :
1 ـ عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبريه هذه الأحاديث الثلاثة قال: قالت زينب : دخلت على أم حبيبة زوج النبي ? ، حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره ، فدهنت منه جاريةً ثم مسٍٍٍت بعارضيها ثم قالت : والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة, غير أني سمعت رسول الله يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً قالت زينب: سمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله:إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول : لا ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداهن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال حميد: قلت لزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حشفاً، ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة ، فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره رواه البخاري في مواضع ، وهو بهذا السياق في كتاب الطلاق باب : تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً 3/420 برقم 5334،5335،5336،5337ورواه مسلم 2/1123 ـ 1125 برقم 1486 وفي رواية له 2/1127 برقم 1490 عن حفصة رضي الله عنها زاد : فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً
فى الرواية يوجد عدة أخطاء :
الأول تطيب النساء بصفرة خلوق وهو ما يناقض أن الطيب الملون هو تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان" ولأمرنهم فليغيرن خلق الله"
كما يناقض الروايات المحرمة على النساء التطيب وهو وضع وضح الروائح حيث اعتبرت المرأة التى تضعه زانية
«أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ"رواه النسائى وأبو داود والترمذى
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ"رواه مسلم
وفي رواية ابن ماجه قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ"رواه ابن ماجة
" قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ" "رواه أحمد وابن حيان
والنهى عن تطيب المحدة فى الرواية السابقة يناقض إباحة تطيبها بقسط أو أظفار فى الرواية التالية:
2ـ عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله قال: لاتحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ،ولا تلبس ثوباً مصبوغا إلا ثوب عصب ، ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت من نبذة من قسط أو أظفار رواه البخاري في كتاب الطلاق ،باب القسط للحادة عند الطهر 3/421 برقم 5341ورواه مسلم برقم 938 واللفظ له وزاد أبو داود 2/292 باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ولا تختطب وزاد النسائي 6/203 برقم 3534 ولا تمتشط
ونجد نفس الأخطاء فى هذه الرواية وسابقتها وما بعدها وهو تحريم زينة الله وهو الطيبات من اللباس والريح والكل يخالف قوله تعالى :
"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
كما أنها تبيح تغيير خلقة الله بالاكتحال وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله بقوله"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله|
3 ـ عن عبيد الله عن عبد الله بن عتبة : أن أباه كتب إلى عمر ابن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية ، فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله حين استفتته فكتب عمر بن عبد اله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته : أنها كانت تحت سعد بن خولة ، وهو من بني عامر بن لؤي ، وكان ممن شهد بدر ، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار ، فقال لها : مالي أراك تجملت للخطاب ، ترجين النكاح ، فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، وأتيت رسول الله فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي رواه البخاري في المغازي ، باب فضل من شهد بدا 3/90برقم 3991ومسلم 2/1122 برقم 1484
الخطأ هنا هو الخلط بين عدة المتوفى عنها زوجها وعدة المطلقة فعدة المطلقة الحامل وضع الحمل كما قال تعالى "واللائى يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن"
فلو كانت عدة المطلقة هى عدة الأرملة ما قال الله فى عدة الأرملة "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
ولو كانت علة أى عدة هى استبراء الرحم ما كانت عدة المطلقة غير الحامل ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء كما قال تعالى"والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله فى أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الأخر"لأنه فى حالة الحيض مرة واحدة تكون المرأة غير حامل
وهناك فى هذه الرواية خروم كثيرة منها :
أن أبا السنابل مكى من مسلمة الفتح كما فى كتب التاريخ وليس من سكانن المدينة ومن ثم فكيف التقى المرأة ؟
أن المرأة كانت حاملا والحامل لا تسافر لأن السفر يضر بها وبحملها ومن ثم كانت فى المدينة بينما زوجها كان يحج فى مكة
دخول أبو السنابل عليها بيتها دون إذن وكلامه معها دون ان تطرده أو تستدعى المسلمين ليعاقبوه
4 ـ قال البخاري: حدثني إسحاق بن منصور : أخبرنا روح بن عباده : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً قال : كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجبا ، فأنزل الله : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ قال : جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، وهو قول الله تعالى : غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فالعدة كما هي واجب عليها زعم ذلك عن مجاهد رواه البخاري: في كتاب الطلاق، باب وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [سورة البقرة: الآية 234]3/422، برقم 5344
هذه الرواية ليس لها أى صلة بالإحداد وإنما تتكلم عن العدة وليس فيها أى ذكر لمحرمات اللباس والتعطر وغيره مما فرضوه على المحدة
5 ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : طاقت خالتي ، فأرادت أن تجد نخلها ، فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت النبي فقال : بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً رواه مسلم 2/1121 برقم 1483
هذه الرواية تبيح للمحدة الخروج من بيتها لمباشرة مالها وهو ما يناقض تحريم الرواية التالية للخروج من البيت وهى من روايات الكتب التسعة غير الصحيحين التالية:
6 ـ عن مالك بن يحيى بن سعيد ، قال : بلغني أن السائب بن خباب توفي، وأن امرأته جاءت عبد الله بن عمر وذكرت له وفاة زوجها ، وذكرت له حرثاً لهم بفتاة ، وسألته : هل يصلح لها أن تبيت فيه ؟ فنهاها عن ذلك ، فكانت تخرج من المدينة بسحر ، فتصبح في حرثهم ، فتظل فيه يومَها ، ثم تدخل المدينة إذا أمست ، فتبيت في بيتها
رواه مالك في الموطأ 2/592 برقم 88 وقد ضعف الألباني لانقطاع سنده ، إرواء الغليل 7/212
ثانياً: أحاديث الكتب التسعة سوى الصحيحين:
1 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي قال :
المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل رواه الإمام أحمد 6/302، وأبو داود 2/292 واللفظ لهما ، ورواه النسائي 6/203 برقم 3535 بدون قوله ولا الحلي وقد ضعف ابن حزم الحديث فقال في المحلى 10/277: ولا يصح لأن إبراهيم بن طهمان ضعيف وقد استنكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 5/708 -709 تضعيف الحديث بإبراهيم فقال: ولا يحفظ عن أحد من المحدثين قط تعليل حديث رواه ولا تضعيفه
2 ـ عن أسماء بنت عميس أنها قالت : لما أصيب جعفر بن أبي طالب أمرني رسول الله فقال: تسلبي ثلاثاً ثم اصنعي بعد ما شئت رواه الإمام أحمد 6/369، 438 ،ولفظه[أي أحمد] : دخل علي رسول الله اليوم الثالث من قتل جعفر فقال: لا تحدي بعد يومك هذا ، وروا ابن حبان الإحسان واللفظ له 7/418، برقم 3148 والبيهقي 7/438 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/75 والطبراني في الكبير 24/193 برقم 369 بلفظ تسكني ثلاثاً
هذه الرواية تناقض روايات الحداد على الزواج أكثر من ثلاثة أيام
3_ عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي و كانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء_ قال أحمد أحد الرواة : والصواب بكحل الجلاء _ فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة, فسألتها عن كحل الجلاء , فقالت: لا تكتحلي به إلا من أمر لابد [منه] يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار ، ثم قالت عند ذلك أم سلمة : دخل علي رسول الله حين توفي أبو سلمة ، وقد جعلت على عيني صبراً ، فقال: ما هذا يا أم سلمة فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب قال : إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قالت : بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك رواه أبو داود واللفظ له 2/728 ، باب ما تجتنبه المعتدة في عدتها ، ورواه النسائي 6/204 برقم 3537وقد صحح الحديث ابن عبد البر في التمهيد 17/318،وحسنه ابن القيم في زاد المعاد 5/703 والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ص204 ، وضعفه عبد الحق كما ذكر ذلك الزيلعي في نصب الراية 3/261
الخطأ المتكرر فى الرواية إباحة تغيير خلقة الله بالكحل والصبر والطيب والحناء والسدر سواء كان فى العدة أو بعدها وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله فقال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
4 ـ عن علقمة والأسود قالا : أتي عبد الله في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها قبل أن يدخل بها ، فقال عبد الله : سلوا هل تجدون فيها أثراً ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن ما نجد فيها -يعني أثراً - قال: أقول برأيي فإن كان صواباً فمن الله : لها كمهر نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة ، فقام رجل من أشجع فقال : في مثل هذا قضى رسول الله فينا في امرأة يقال لها بروع بنت واشق تزوجت رجلاً فمات قبل أن يدخل بها فقضى لها رسول الله بمثل صداق نسائها ولها الميراث وعليها العدة فرفع عبد الله يديه وكبر رواه النسائي واللفظ له 6/121 برقم 3354 ،وأبو داود 2/588 والترمذي 3/441، وابن ماجه 1/60 برقم 1891،والإمام أحمد 3/480 وابن حبان الإحسان 9/409 برقم 4100 والحاكم في المستدرك 2/180 وقال بعد سرد رواياته 2/181 : فصار الحديث صحيحاً على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وقال الألباني في إرواء الغليل 6/359: هو كما قالا قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير 3/191: وصححه ابن مهدي والترمذي وقال ابن حزم : لا مغمز فيه لصحة إسناده والبيهقي في الخلافيات وقال شيخنا عبد العزيز بن باز أثابه الله : إسناده لا بأس به "
هذه الرواية ليس بها ما يستدل على الإحداد المزعوم فكل ما فيها هو العدة على الأرملة
5 ـ عن مالك أنه بلغ أن أم سلمة زوج النبي قالت لامرأة حاد على زوجها ، اشتكت عيناها ، فبلغ ذلك منها : اكتحلي بكحل الجلاء بالليل وامسحيه بالنهار الموطأ 2/598 برقم 105
نلاحظ الخبل فى الرواية وهو إباحة العلاج بالكحل ليلا وتحريمه نهارا والعلاج مباح ليلا ونهارا ما دام هناك مرض لكون هذا التحريم فيه حرج أى أذى على المسلم أو المسلمة وهو ما حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
7 ـ عن زينب بنت كعب بن عجرة ، عن الفريعة بنت مالك بن سنان -وهي أخت أبي سعيد الخدري - أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله أن أرجع إلى أهلي ، فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة ، فقال رسول الله : نعم ،قالت : فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له ، فقال: كيف قلت ؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي ، قالت : فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً ، قالت : فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك ، فأخبرته ، فأتبعه وقضى به
رواه أبو داود واللفظ له 2/723 ، والترمذي 3/499 ـ 500 وقال: حسن صحيح ، والنسائي 6/199 برقم 3529 وبلفظ اعتدي حيث بلغك الخبر ، وفي لفظ آخر له أيضاً برقم 3530 امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله ، وابن ماجه 1/654برقم 203 وفيه امكثي بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله ورواه الإمام أحمد في مسنده 6/370 ، 420 ، 421 بلفظ قريب من لفظ ابن ماجه وقد صححه الترمذي كما تقدم والحاكم ووافقه الذهبي كما في المستدرك 2/208 ، وكره ابن حبان في صحيحه انظر الإحسان 10/128-129 برقم 4292 ونقل الحافظ ابن حجر في الدراية 2/80 تصحيحه عن الذهبي وذكر ذلك الحاكم أيضاً في مستدرك 2/208 , وابن عبد البر في التمهيد 21/31 , وصححه وابن القيم في زاد المعاد 5/680 , والصنعاني في سبل السلام 6/419 , وأعله ابن حزم في المحلى 10/32 بجهالة زينب وبأن سعد بن إسحاق غير مشهور بالعدالة وتابعه على ذلك عبد الحق كما قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/240 , وضعفه الألباني أيضاً في إرواء الغليل 7/206-207 وقد أجاب ابن القيم رحمه الله على علة جهالة زينب رضي الله عنها فقال في زاد المعاد 5/681 : فهذه امرأة تابعية كانت تحت صحابي وروى عنها الثقات, ولم يطعن فيها بحرف واحتج الأئمة بحديثها وصححوه وقال الحافظ عن هذه العلة في تلخيص الحبير 3/240 :و زينب وثقها الترمذي وقد وثقها ابن حبان في الثقات 4/271 واحتج بها مالك كما في الموطأ في كتاب الطلاق باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ص405 برقم 125 وأما سعد فقد قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/240 : وثقه النسائي وابن حبان فالراجح أن الحديث ثابت محتج به"
الرواية ليس لها علاقة بالإحداد وإنما هى متعلقة بالعدة أين تكون ومن ثم فلا تنفع فى الاستدلال على الحداد بشىء
8 ـ عن أبي بن كعب أنه سأل النبي عن قوله : وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فقال : هي للمطلقة ثلاثاً وللمتوفى عنها
رواه أحمد 5/116، والطبري في تفسيره 14/28/143، وفي رواية أحمد المثنى بن الصباح وهو ضعيف ورواية الطبري من حديث ابن لهيعة وهو ضعيف أيضاًً ، وطريقه الثانية فيها عبد الكريم بن أبي مخارق وهو ضعيف ولم يدرك أبي كما قال الزيلعي في نصب الراية 3/256 وقد ضعف الحديث ابن كثير رحمه الله في تفسيره 8/178 والألباني فيه إرواء الغليل 7/196 وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الدراية ص 78 : ويقوي قول ابن مسعود ما جاء عن أبي بن كعب إن ثبت عنه "
الرواية تتحدث عن العدة وليس عن الإحداد ومن ثم فلا تصلح للاستدلال بها على شىء من أحكام الإحداد المزعومة وهى تخالف ما فى المصحف من كون تلك العدة فى المطلقة وليس فى المتوفى عنها زوجها
ثالثاُ : ما سوى الكتب التسعة :
1 ـ عن علي أن النبي أمر المتوفي عنها أن تعتد في غير بيتها إن شاءت رواه الدار قطني 3/266: وقال : لم يسنده غير أبي مالك النخعي وهو ضعيف ومحبوب ضعيف أيضاًً
2 ـ عن مجاهد قال : استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله فقلنا : إن نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا فقال النبي : تحدثنا عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة منكن إلى بيتها رواه البيهقي في السنن الكبرى 7/436 ومعرفة السنن 11/218 وعبد الرزاق في المصنف 7/36
وفي إسناد البيهقي عبد المعين بن عبد العزيز بن أبي رواد قال عنه الحافظ في التقريب ص 361 : صدوق يخطأ ورجال إسناد عبد الرزاق كلهم موثقون إلا أنه مرسل ولذا ضعفه الألباني في ارواء الغليل 7/211 وعندي أن هذا المرسل يعتضد بحديث الفريعة فستأنس به والله أعلم "
الروايتان تتحدث عن المبيت أو الوجود فى غير بيت الزوجية ولا علاقة لها بالإحداد وإنما لها علاقة بالعدة
3ـ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي : نهى المعتدة أن تختضب بالحناء فإن الحناء طيب وفي لفظ آخر : نهى النبي المعتدة عن التكحل والدهن والخضاب والحناء عزاه السروجي للنسائي، قال الحافظ ابن حجر: وروى النسائي بلفظ نهى المعتدة عن الكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب، كذا عزاه السروجي في الغاية ولم أجده فليتأمل الدراية 2/79، وقد وهّم الزيلعيُ السروجي في هذا العزو فقال في نصب الراية 3/261 : وعزاه للنسائي ولفظه - وذكر لفظ الحديث - وهو وهم منه وقد ذكر محقق معرفة السنن في 7/168 أن ابن التركماني عزاه لابن عبد البر في التمهيد وللبيهقي في المعرفة بلفظ لا تطيبي وأنت محد ولا تمسي الحناء فإنه طيب وقد راجعت معرفة السنن زمناً طويلاً المطبوع منه والمخطوط لكني لم أجده بلفظ المحدة أو المعتدة بلى هو موجود بلفظ: لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب معرفة السنن 7/168 والذي يظهر والعلم عند الله أن هناك تصحيفاً لكلمة محرمة فجعلها بعضهم محدة وبعضهم معتدة وبهذا يرتفع الإشكال وقد قال البيهقي في معرفة السنن 7/168 عن حديث نهي المحرمة عن الطيب: وهذا إسناد ضعيف ابن لهيعة غير محتج به وقال التهانوي عن حديث نهي المعتدة عن الطيب والحناء في إعلاء السنن 11/265 : قال بعض الناس فالحاصل أن الحديث لم يثبت 4- عن عمرو بن شعيب قال: رخص رسول الله للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى أبيها سبعة أيام وعلى من سواهما ثلاثة أيام
رواه أبو داود في مراسيله ص 295، قال عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 9/486: مرسل أو معضل، وهو شاذ أيضاً إذ إنه مخالف لما وواه الثقات فلا يعتمد عليه"
الخطأ إباحة تغيير خلقة الله سواء كان فى العدة أو بعدها وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله فقال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وتناول المؤلف تعريف الإحداد فقال ناقلا عن غيره:
"تربص تجتنب فيه المرأة ما يدعو إلى جماعها أو يرغب في النظر إليها من الزينة وما في معناها مدة مخصوصة في أحوال مخصوصة "
ومن التعريف يتضح أن أحكام الإحداد مما تختص بها النساء دون الرجال "
مما سبق يضح أن الإحداد خاص بالمتوفى عنها زوجها وهو كلام بديهى من خلال معرفة الناس ومع هذا وجد من يقول أن الرجل يحد هو الأخر فنقل المؤلف التالى:
"ذكر فقهاء الحنابلة ما يشعر بأن للرجل أن يحد فقال في الإنصاف مع الشرح 6/279 " : فائدة : يكره للمصاب تغيير حاله من خلع ردائه ونعله، وتغليق حانوته وتعطيل معاشه، على الصحيح من المذهب وقيل : لا يكره وسئل الإمام أحمد عن مسألة يوم مات بشر، فقال : ليس هذا يوم جواب : هذا يوم حزن وأطلقهما في الفروع وقال المجد : لا بأس بهجر المصاب الزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام وجزم به ابن تميم وابن حمدان " وانظر مطالب أولي النهى 1/924 "
ومن ثم بناء على هذا هناك حداد على الرجل وهو تخريف فلا تعطيل للعمل بسبب الموت إلا يوم الوفاة ليتم دفن القريب أو القريبة
وتناول المؤلف أنواع الحداد فقال:
ينقسم الإحداد من حيث حكمه الشرعي إلى قسمين
القسم الأول : الإحداد الشرعي
وهو ما كان وفق أمر الله ورسوله ، وهو نوعان :
النوع الأول / إحداد المرأة على زوجها المتوفى عنها
النوع الثاني : إحداد المرأة على غير زوجها
القسم الثاني : الإحداد الجاهلي
وهو ما لم يكن على أمر الله ورسوله ، وهو نوعان :
النوع الأول : الإحداد الجاهلي القديم
إن الناظر في أحوال المرأة قبل الإسلام ليوقن إيقاناً لا يخالطه ريب أنها كانت تعاني ألواناً عديدة من الظلم والحيف والجور ، ومن الصور التي يتجلى فيها العدوان على المرأة والظلم لها في تلك العصور المظلمة وله صلة بموضوعنا هو طريقة إحداد المرأة على زوجها إذا توفي
وهناك أمور أخرى فى بعض المجتمعات