رضا البطاوى
عدد المساهمات : 2878 تاريخ التسجيل : 27/12/2016
| موضوع: نقد كتاب الشفاعة حقيقة إسلامية2 السبت أكتوبر 26, 2019 7:42 am | |
| وهو تكرار كما قلنا لما قاله فى تعريف الشفاعة وقد ذكر المركز كون المعتزلة يرفضون الشفاعة بهذا المعنى فقال: "رفض المعتزلة الشفاعة وناقشوا فيها حيث يقول أحد أعلامهم وهو أبو الحسن الخياط وهو يفسر قوله تعالى: (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) : «ان الأية تنص على أن من استحق العذاب لا يمكن للرسول أن ينقذه من جهنم» قم ذكر رد البعض على قول المعتزلة فقال: "وفي رد ذلك يقول الشيخ المفيد رضي الله عنه: «إن القائلين بالشفاعة لا يدعون بأن الرسول هو المنقذ للمستحقين النار وإنما الذي يدعونه إن الله سبحانه ينقذهم منها إكراما لنبيه والطيبين من أهل بيته عليهم السلام هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فإن المفسرين يذهبون إلى أن الذين حقت عليهم كلمة العذاب هم الكفار، وإن النبي (ص) لا يشفع لهم» ومن هنا يكون هذا الإحتجاج بالاية الشريفة الانفة على نفي الشفاعة احتجاجا غير صحيح وبعد ذلك ذكر الإشكالات فى الشفاعة والردود عليها وكلها إشكالات ناتجة من الفهم الخاطىء للشفاعة فالشفاعة كما قلنا مجرد شهادة الشافع ل أو شهادة الشافع على ولم يرد فى المصحف أية اية دالة على كونها تحدث أى أثر فى تغيير حكم الله كإخراج العصاة من النار وإدخالهم الجنة لأن العصاة ليسوا مسلمين وإنما كفار يخلدون فى النار كما قال تعالى " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا" ثم أنه لا يوجد مسلم إلا وقد عصى الله مرات عديدة ولكنه يتوب من عصيانه وهو كفره ولذا كان القول "كل ابن ادم خطاء وخير الخطاءين التوابون" ومن ثم فإطلاق اسم عصاة المؤمنين إطلاق خاطىء فلا يوجد مسلم عاص لأن معناها مؤمن كافر فى نفس الوقت وهو شىء محال وهو ما ناقض المركز نفسه عندما أقر بخروج المسلم من إيمانه خروجا تاما حيث قال فى الفصل الأخير" وبدون شك، فإن الإصرار على الذنب قد يخرج المؤمن عن صفة الإيمان الحقيقي التام «وذلك لأن الإصرار على الذنب يستوجب الاستهانة بأمر الله والتحقير لمقامه سواء كان الذنب .. وقد تقدم في جواب الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام لعبد الله بن سنان بأن الإصرار على الذنب يخرج الإنسان من الإيمان" ومن ثم فالإشكالات والردود عليها باطلة لأن من عملوا إشكالات فهموا معنى الشفاعة فهما خاطئا ومن ردوا عليهم كذلك ونذكر الإشكالات وبعض ما ذكره من ردود وهى: "ثانيا: إشكالات وردود: الإشكال الأول: إن (نفس الذنب) الذي قد يرتكبه المؤمن يرتكبه الكافر، وإن الله سبحانه وتعالى قد وضع سنة العقاب والثواب جزاء لأفعال عباده، وإن رفع العقاب عن المؤمنين المذنبين بواسطة الشفاعة، وإنزاله على غيرهم من الكافرين، مخل بعدالته (سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا) وهذا الإشكال يمكن أن نسميه ب «مشكلة الاثنينية في الجزاء مع وحدة الذنب» والجواب عليه: لابد من بيان: هل الذنب من المؤمن والكافر واحد ؟ وهل أن قبول الله لشفاعة الشافعين بالمؤمن المذنب وحرمان الكافر منها اثنينية في الجزاء أم لا ؟لا ريب أن الذنب من أي شخص ولأي شخص كان يقتضي استحقاق الذم والعقاب، كما أن الإطاعة من أي شخص كان ولأي شخص كانت تقتضي الثواب والمدح، وإلا لم يبق فرق بين المطيع والعاصي إلا أن الله سبحانه فرق وكلامنا فعلا في المعصية بين ما إذا كانت من مؤمن به، وما إذا كانت من كافر، فجعل الشفاعة للمؤمنين العصاة كما فتح لهم باب التوبة، وأما الكافرون فإن نيلهم الشفاعة أو قبول التوبة من الذنوب معلق على أصل الإيمان بالله عز وجل تماما كالحسنات، فإنهم ما لم يؤمنوا لا يثابون عليها أبدا ...فهذا الإشكال إنما نشأ في الحقيقة من توهم وحدة الذنب، وقد بينا أنه يختلف ويتعدد باختلاف صاحب الذنب، ..ومن هنا فإن حرمان الكافرين من الشفاعة يوم القيامة ليس تخلفا عن الحكم الالهي، بل هو وفاء للوعيد الذي سبق أن أخبر به الله سبحانه وتعالى الكافرين على لسان أنبيائه ورسله أما المؤمن فإنه قد فتح له باب التوبة، فقد يرتكب ذنبا «فيتوب منه»، وتوبته تصح بالندم على ارتكاب الفعل وبالتالي تركه وعدم العودة إليه؛ لأن الندم على ارتكاب الذنب يستدعي ترك العودة إليه، وإلا فإن العودة إلى الذنب تعني الإصرار عليه، فإذا مات مذنبا أمكن أن يغفر له بالشفاعة التي وعدها الله للمؤمنين، وعلى هذا الأساس يكون قبول الشفاعة في المؤمنين المذنبين وعدم قبولها في الكافرين، وفاء للوعد الإلهي الذي جاء على لسان الأنبياء والمرسلين وبعد هذه الشواهد نقول ردا على الإشكال المتقدم، إن الاثنينية في الجزاء إنما جاءت بتبع الإثنينية في الذنب، ويتلخص الجواب في عدم الوحدة في الذنب، فإن المولى قرر وأخبر منذ البدء عن الفرق في تعامله بين المؤمن والكافر بالنسبة إلى الذنوب الصادرة منهما، وعلى أساس ذلك كان الكافر محروما من الشفاعة في الاخرة بخلاف المؤمن فقد تناله، كما تقبل التوبة من ذنوبه إذا تاب فكان جزاء كل منهما في الاخرة مطابقا لما قرره الإشكال الثاني إن رفع العقاب عن المذنبين يوم القيامة بعد أن أثبته الله بالوعيد به «أي العقاب» يوم القيامة إما أن يكون عدلا أو يكون ظلما فإن كان رفع العقاب عدلا كان الحكم بالعقاب ظلما «تعالى الله عنه علوا كبيرا» وإن كان رفع العقاب ظلما، فإن طلب الأنبياء والمرسلين والصالحين للشفاعة، هو طلب للظلم وهذا جهل لا تجوز نسبته إليهم عليهم السلام وهم المرسلون الذين عصمهم الله من الخطأ والزلل والجواب عليه: وهو إشكالية التعارض بين أن يكون رفع العقاب (عدلا) فالعقوبة الناتجة عن الذنب (ظلم) لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، وبين أن يكون رفعه (العقاب) ظلما بعد أن تقدم الوعيد به في الحياة الدنيا فإن طلب الأنبياء أو الشفعاء بشكل عام، يعد طلبا للظلم، وهم أبعد وأسمى من ذلك قد ذكرنا أن الذنب من المؤمن ليس علة تامة لوقوع العقاب عليه، وإنما هو مقتض للعقاب، فإن حصل هناك ما يمنع من وقوعه من الموانع التي قررها المولى نفسه كالتوبة والشفاعة ارتفع العقاب، وإلا أثر الذنب أثره وقد ورد عن رسول الله (ص) قوله: «إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن اذى ذريتي» وعلى هذا، فإن عقاب الله سبحانه للعبد المؤمن المذنب عين العدل، كما أن إعطاء الثواب للعبد المؤمن المطيع عين العدل، فلولا استحقاق العاصي للعقاب لم يبق فرق بينه وبين المطيع، إلا أن هذا الاستحقاق قد لا يصل إلى مرحلة الفعلية لتحقق مانع عنها كالشفاعة والتوبة وبهذا اتضح عدم التنافي بين قانون العدل الإلهي، وقانون الشفاعة وحاصل ذلك: إن «الشفاعة» ماهي إلا «فضل ورحمة من الله» جعلها عز وجل للمؤمنين، وبها وقع الفصل بين المؤمن والكافر، غير أنها «رحمة» منه، وأي تعارض بين «الرحمة» و «العدل» ؟ ..نعم الإشكال يرد فيما لو تم رفع العقاب عن فرد من الصنف الأول ولم يرفع عن فرد اخر من نفس الصنف مع أنهما متساويان في الصفات تماما هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن «وقوع الشفاعة وارتفاع العقاب وذلك إثر عدة من الأسباب، كالرحمة والمغفرة والحكم والقضاء وإعطاء كل ذي حق حقه، والفصل في القضاء، لا يوجب اختلافا في السنة الجارية وضلالا عن الصراط المستقيم» الإشكال الثالث إن الشفاعة المعروفة لدى الناس هي: أن يدعو المشفوع عنده إلى فعل شيء أو ترك الفعل الذي حكم به على المشفوع له، وهذا أمر لا يمكن حصوله، إلا إذا حدث للمشفوع عنده علم جديد يوجب عنده قبول الشفاعة في المشفوع له، أو أنه ينصرف عن إجراء الحكم الذي قرره رعاية للشفيع ومنزلته عنده ولو كان على حساب الحق والعدل والإنصاف، وهذه افتراضات لا يجوز نسبتها إلى الله (تعالى عن ذلك علوا كبيرا)والجواب عليه: فهو افتراض باطل من أساسه، لأن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى وهو العقاب لم يكن أثرا غير قابل للانفكاك عن «الذنب»، لما تقدم من أن الذنب ليس إلا مقتضيا للعقاب، فالشفاعة بعد أن كان الذنب مجرد مقتض للعقاب تقدم الوعد بها، وأثبتها القران الكريم بصورها وحدودها ومواصفات أشخاصها، لا تمثل عند قبولها انصرافا عن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى، بل هي وفاء لما قرره بحق عباده الإشكال الرابع: إن معرفة الناس بثبوت الشفاعة لمن أذنب بواسطة الأنبياء والصالحين يخلق عندهم الجرأة على ارتكاب الذنب على أمل نيل الشفاعة منهم يوم القيامة وهذا الأمر سيؤدي إلى عبثية الأحكام المتعلقة بالجزاء حيث سيضطرب النظام الاجتماعي ويشيع الفساد في الناس وتنتهك أحكام الله التي وضعها لعباده والجواب عليه: إن مشكلة هذا الإشكال وضعفه: هو أنه تجاهل ظاهرة مهمة في الايات القرانية التي تناولت بصورة مباشرة موضوع الشفاعة وقبولها، وكذلك الايات التي تحدثت عن خلود الكافرين في النار وهذه الظاهرة هي: إن ايات الشفاعة لم تعين على سبيل التحديد أفراد الناس ومجاميعهم ممن تنالهم الشفاعة، كما أنها لم تعين الذنوب التي تقبل الشفاعة فيها فإذا كان الأمر كذلك، فكيف تطمئن نفس أن تنالها الشفاعة، وكيف تطمئن أيضا إلى أن ذنبها الذي ترتكبه هو من الذنوب التي تقبل بها الشفاعة ومن هنا فإن النفس والحال هذه ستبقى متعلقة، وجلة تتملكها الخشية من ارتكاب الذنب والمعصية خوفا أن لا تكون ممن تنالها الشفاعة، أو أن يكون ذنبها مما لا تقبل فيه الشفاعة الإشكال الخامس: إن العقل قد يحكم بإمكانية وقوع الشفاعة بالإفادة من ايات القران الكريم، ولكنه لا يستطيع أن يحكم بفعلية وقوعها خصوصا وأن في القران ما ينفي الشفاعة مطلقا كقوله تعالى: ( لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) ، وبعضها الاخر يقيد الشفاعة بقيود كما في قوله تعالى: (إلا بإذنه)، وقوله تعالى ( الا لمن ارتضى)، ولكن هذه الايات وغيرها لا تدل دلالة قطعية على وقوع الشفاعة وحصولها اليقيني، فالقران الكريم ينفي الشفاعة اونة، ويقيدها أخرى برضا الله سبحانه وتعالى، ويذكر القران الكريم مرة اخرى أن الشفاعة لا تنفع، كقوله تعالى ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين) والجواب عليه:إن ملخص الجواب هو أن الايات التي يستدل بها على نفي الشفاعة، لا تنفي الشفاعة مطلقا، بل إنها تنفيها عن بعض الناس وقد وردت هذه الاستثناءات في ايات عديدة أما فيما يتعلق بالقيود الموجودة في حصول الشفاعة من جهة، وقبولها من جهة أخرى، فإن ذلك لا يعني نفيها بل يؤكد وقوعها واثباتها، على خلاف ما ادعاه النافون من أنها لا تنفع، مستدلين على ذلك، بقوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) وهذا الاستدلال غير صحيح؛ لأن سياق الايات التي تسبق هذه الاية تتحدث كلها عن المجرمين المستقرين في سقر.. هم هؤلاء المستقرون في سقر الذين لم يكونوا من المصلين، وكانوا يكذبون بيوم الدين، حتى أتاهم اليقين حين وجدوا أنفسهم في سقر فلا تنفعهم بعد صفاتهم تلك شفاعة الشافعين ثم تناول المركز أثر الشفاعة في المصالح الدنيوية فى الفصل الثالث فقال: "الفصل الثالث: أثر الشفاعة في المصالح الدنيوية: "هناك مناقشات، تدور حول أثر الشفاعة في الحياة الدنيا، وهي مناقشات تتمحور حول الإجابة عن السؤال التالي: هل أن طلب الشفاعة في أمور الدنيا من غير الله جائز شرعا، وهل أن لها أثرا ايجابيا في الحياة الدنيا كالرزق والشفاء من الأمراض والنجاح في الأعمال، أو الإنقاذ من الأخطار وغيرها من شؤون الحياة الدنيا، أم إنها غير جائزة، وغير ذات فائدة في الدنيا ؟ أما في مسألة الجواز: فقد تقدم أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر عن رجال ارتضاهم ليشفعوا عنده في عباده الذين ارتضى وقد وردت عدة روايات تؤيد ذلك نقلناها سابقا، هذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال أما فيما يتعلق بالشق الثاني منه، وهو: هل أن للشفاعة أثرا وفائدة في تحصيل المصالح والمنافع الدنيوية أم لا ؟" الجواب بوجود رجال ارتضاهم الله ليشفعوا عنده في عباده الذين ارتضى هو مخالف للقران فالله تحدث عن الملائكة وشفاعتهم الأخروية ولم يتحدث عن الدنيا فى قوله "وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون" ويقول المركز أن الشفاعة دعاء فى الدنيا فى الفقرة التالية: "فنقول: إن الشفاعة تعطي بالاضافة إلى المعاني التي تقدمت في أول البحث معنى الدعاء أيضا، فالنبي (ص) عندما يشفع لمؤمن فإنه يدعو الله سبحانه وتعالى، فقد ذكر السيد العاملي أن «شفاعة النبي (ص) أو غيره عبارة عن دعائه الله تعالى لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء" لو اعتبرنا دعاء الاستغفار للغير شفاعة من المؤمن فهى شفاعة لا تقدم ولا تؤخر شىء فى حكم الله المبنى على عمل الإنسان فى دنياه فلو كانت تحدث أثرا ما نهى الله المؤمنين عن الاستغفار للكفار كما قال تعالى "ما كان للنبى والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم" فالنهى عنها كان لكونها غير مفيدة وتضيع وقت المؤمنين ظنا منهم أن الله يغير حكمه بسببها لأنهم يحبون بعض الكفار ثم تناول المركز اية الشفاعة الدنيوية فقال : "حكى النيسابوري في تفسير قوله تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) عن مقاتل أنه قال: الشفاعة إلى الله إنما هي الدعوة لمسلم، لما روي عن النبي (ص): من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك» وعلى هذا الأساس، فإن دعاء المؤمن لأخيه المؤمن في حياته في حاجة من حوائج الدنيا أمر مقبول لا غبار عليه ولا مناقشة فيه بعد الذي تقدم، ..." والشفاعة هنا لا تعنى مناصرة للغير وإنما هى عمل الإنسان خيرا أو شرا وتفسيرها عندى هو: ""من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شىء مقيتا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النمل"من جاء بالحسنة فله خير منه ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار" فالشفاعة هى الحسنة والنصيب هو الخير من الحسنة والشفاعة هى السيئة والكفل هو النار وقوله"وكان الله على كل شىء مقيتا "يفسره قوله بسورة النساء"إن الله كان على كل شىء حسيبا"فمقيتا تعنى حسيبا والمعنى من يعمل عملا صالحا يكن له ثواب عليه ومن عمل عملا فاسدا يكن له عقاب عليه وكان الله على كل عمل رازق،يبين الله لنا أن من يشفع شفاعة حسنة والمراد من يفعل فعلا صالحا يكن له نصيب منه والمراد يصبح له ثواب له عليه من الله ومن يشفع شفاعة سيئة أى من يفعل فعلا فاسدا يكن له كفل منه أى يصبح له عقاب على فعله والشفاعة بمعنى المناصرة ممنوعة فى الإسلام حيث قال بسورة النساء"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" ويبين الله لنا أنه مقيت أى رازق على العمل" ثم ذكر المركز شفاعة الأموات فقال : "لكن المناقشة تدور عادة بين المنكرين لجواز الشفاعة وتأثيرها في حاجات الدنيا، وبين القائلين بجوازها وتأثيرها، حول طلب الشفاعة من الأموات أو الذين غادروا الحياة الدنيا على قول أدق رأي ابن تيمية ومناقشتهفقد ذهب ابن تيمية ومن تابعه إلى أن طلب الشفاعة في حاجات الدنيا أو غيرها من «الأموات» شرك « وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع في هذه الامور، لأني أتوسل إلى الله كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال الذين يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم، والمشركين الذين أخبر الله عنهم أنهم قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)» وتهافت وفساد هذا الرأي الذي يذهب إليه ابن تيمية أنه جعل طلب الدعاء والشفاعة بمنزلة مساوية ل «عبادة غير الله»، مع أن الشفاعة أصلا لا تعني العبادة لا بمعناها اللغوي ولا بمعناها الاصطلاحي، كما أن الداعي الداخلي والنفسي لطلب الشفاعة تعني شيئا اخرا غير الداعي النفسي لعبادة الأصنام والبشر أو غير ذلك مما يتوسل بها المشركون والكافرون لتقربهم على حد زعمهم إلى الله زلفى" وبالقطع شفاعة الموتى للأحياء هو نوع من الخبل لكونهم فى عالم الباطن ونحن فى عالم الظاهر وهما عالمان منقطعان عن بعضهما فلا أحد يسمع أحد ولا يحس به كما قال تعالى "وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحدا أو تسمع لهم ركزا" والمعنى الظاهر من قوله تعالى "وما أنت بمسمع من فى القبور" ولو كان الموتى يسمعون ما طلب موتى المسلمين من الله أن يبشرهم بالأحياء من المسلمين كما قال تعالى "فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ثم ذكر المركز روايات لا صحة لها فقال " " وقد تقدم في هذا البحث أن أبا بكر جاء إلى رسول الله (ص) بعد وفاته وكشف عن وجهه وسلم عليه وطلب منه الدعاء له عند الله، كما ورد نفس الأمر عن الإمام علي عليه السلام وطلبه ذلك من رسول الله (ص) ...وبعد وضوح كل ذلك، فما المانع من أن يكون هؤلاء الذين غادروا الحياة الدنيا إلى الحياة الاخرة، يسمعون ويرون ويدعون الله للذين لم يلحقوا بهم من المؤمنين والشهداء في قضاء حوائجهم ....وكل ما تقدم يدل دلالة واضحة على أن الإنسان بعد الانتقال من الحياة الدنيا فإنه يعيش حياة اخرى، يرى الكافر فيها العذاب فيتألم، ويرى المؤمنون فيها النعيم فيفرحون ويستبشرون، وهكذا يبطل زعم القائلين بأن الإنسان إذا مات انقطعت كل أسباب العلاقة بينه وبين الأحياء في الدنيا وهو مذهب القائلين بعدم جواز التوسل بالأموات، وهو مذهب فاسد كما علمت لأنه مخالف لصريح القران الكريم وقبل أن نختم هذا الفصل لا بأس بإيراد رواية صحيحة تروى عن رسول الله (ص) مما تنفع في هذا الباب بعد أن انتهت معركة بدر الكبرى بانتصار المسلمين، وقف رسول الله (ص) على قتلى المشركين فقال: «يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني واواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس حتى قال : هل وجدتم ما وعدكم ربي حقا» فلو كان هؤلاء القتلى الذين غادروا الحياة الدنيا لا يسمعون، فهل كان عبثا حديث رسول الله (ص) معهم، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؟" الغريب أن المركز يصدق الروايات ويترك ظاهر الايات القرانية مثل" وما يستوى الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور" بالقطع ليس المراد من الايات ظاهرها وإنما المراد أن الموتى وهم الكفار لا يؤمنون فهذا معنى موتهم وكيف يؤمن أهل المركز بشفاعة الموتى الدنيوية ومقاتل الطالبيين وغيرهم من أقارب النبى(ص) تملأ كتب التاريخ فلو كان موتاهم يقدرون على نفعهم ما قتلوا ولقامت دولتهم وما قدر احد على هزيمتها طالما الموتى يدافعون عنهم ؟ بعد هذا تناول المركز الشفعاء والمشفع لهم فى الفصل الرابع فقال: "الفصل الرابع الشفعاء والمشفع لهم: أولا: الشفعاء: هل حدد القران الكريم الشفعاء ؟ وهل أخبر عن اسمائهم أو عن صفاتهم ؟ إن التدبر في ايات القران الكريم يوضح أن الله سبحانه وتعالى لم يحدد في الايات القرانية الشريفة وفي ايات الشفاعة اسم أحد من الشافعين، لكن القران الكريم أشار إلى مجموعة من الصفات التي إن توفرت في أحد فهو من الشفعاء بعد أن يأذن الله له في ذلك... أ الأنبياء: فالاية الشريفة التالية تؤكد أن الأنبياء يشفعون قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وفي الاية أعلاه قيود دقيقة لابد من الالتفات إليها وهي: جاء في تفسير (ظلموا أنفسهم) أي بخسوها حقها بادخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب، وتفويت الثواب بفعل الطاعة، وقيل (ظلموا أنفسهم) بالكفر والنفاق (جاءوك) تائبين مقبلين عليك مؤمنين بك (فاستغفروا الله) لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه (واستغفر لهم الرسول) أي سألت الله أن يغفر لهم ذنوبهم (لوجدوا الله) أي لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم" ما استشهد المركز به على شهادة الأنبياء ليس فيه أى دليل على شفاعة الأنبياء فحتى لو اعتبرنا استغفار الرسول(ص) للمؤمنين دليل شفاعة فهو دليل على شفاعة محمد(ص)وأما الدليل على شفاعتهم وهى شهادتهم فهى قوله تعالى : "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا" قم ذكر الملائكة فقال : "ب الملائكة: وأما شفاعة الملائكة فتدل عليها الاية التالية قال تعالى: (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) ودلالة الاية جلية وواضحة على أن الملائكة تشفع بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ج المؤمنون: وأما شفاعة المؤمنين والشهداء فتدل عليها الاية الشريفة قال تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) والذين شهدوا بالحق هم المؤمنون الصالحون الذين جعلهم الله شهودا على أممهم مع الأنبياء والأوصياء" وما استشهد به المركز لا يصلح كدليل على شفاعة وهى شهادة المؤمنين فليس كل المؤمنين دعاهم البعض أى عبدهم بعض الناس من دون الله ودليل الشفاعة وهى شهادة المؤمنين قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس" وذكر المركز أمرا صحيحا وهو كون رضا الله شرط الشفاعة فقال : "وقبل أن نغادر هذا الفصل نلفت نظر القاريء الكريم إلى ظاهرة مهمة تكررت في الايات القرانية الشريفة التي تحدثت عن الشفيع أو المشفوع له، وهي ظاهرة «الرضى» الإلهي عمن يريد أن يشفع وعمن يراد أن يشفع له، واعتبار ذلك الرضى قيدا لازما لا تؤتي الشفاعة ثمارها بدونه، فالشفيع يجب أن يرضى الله شفاعته لتكون في محلها والمشفوع له يجب أن يكون مرضيا عنده سبحانه وتعالى ليقبل فيه شفاعة الشافعين وبناء على هذا لو راجعنا الايات القرانية الكريمة والتي أشارت إلى «رضى» الله تعالى عن بعض عباده، نجدها تشير إلى مواصفات غاية في السمو والتألق ونحن هنا نورد أمثلة من الايات القرانية التي ذكرت بالصراحة «رضى» الله عن بعض عباده الصالحينقوله تعالى: (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) وطرح المركز سؤالا عمن تتم الشفاعة لهم وأجاب فقال : "فمن هم اولئك الذين تنالهم الشفاعة ؟ ومن هم الذين لا تنالهم ؟ أ المؤمنون المذنبون: السؤال الذي يطرح هنا هو أن مفهوم الشفاعة يعني غفران الذنب ورفع العقاب المستتبع له، فكيف يمكن الجمع إذن بين صفة الإيمان بالله واليوم الاخر وبين صفة ارتكاب الذنب ومقارفة المعصية ؟ وللجواب على ذلك نقول: إن للمؤمنين درجات بما امتلك كل مؤمن من الصفات، وقد أشار القران الكريم في مواضع عديدة إلى حقيقة التفاوت والدرجات بين المؤمنين، مثل قوله تعالى: ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) ..إن المؤمن يذنب لكنه يستغفر الله ويتوب، وهو أيضا يحتاج إلى الشفاعة، ويتضح إن عدم الإصرار على الذنب ومن ثم الاستغفار والتوبة هي من صفات المؤمنين؛ لأن الله لا يعد أحدا بالجنة والنعيم إن لم يكن مؤمنا مرضيا عند الله سبحانه وتعالى ولكن المؤمن إذا ارتكب معصية أو اقترف إثما وأصر عليه، فهل يبقى على صفة الإيمان بمعناه الحقيقي الذي يريده سبحانه وتعالى متجسدا عند الإنسان بالفعل والسلوك والعمل وليس بمجرد الادعاء والعادة ؟وبدون شك، فإن الإصرار على الذنب قد يخرج المؤمن عن صفة الإيمان الحقيقي التام «وذلك لأن الإصرار على الذنب يستوجب الاستهانة بأمر الله والتحقير لمقامه سواء كان الذنب المذكور من الصغائر أو الكبائر» وقد تقدم في جواب الإمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام لعبدالله بن سنان بأن الإصرار على الذنب يخرج الإنسان من الإيمان وهل هناك عاقل يقول: إن من يستهين بأوامر الله، هو ومن يمتثل أوامره ونواهيه كلها كما أمر ونهى، على حد سواء ؟ ومن الايات الشريفة ننقل القارىء إلى التدبر في الأحاديث المروية عن الرسول (ص) وأهل بيته المعصومين عليهم السلام عن أبي عبدالله عليه السلام في رسالته إلى أصحابه قال: «وإياكم ان تشره أنفسكم إلى شيء حرم الله عليكم، فإن من انتهك ما حرم الله عليه ههنا في الدنيا، حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الابدين إلى أن قال وإياكم والإصرار على شيء مما حرم الله في القران» وجاء في وصية الرسول الأكرم محمد (ص) للصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه قوله: «يا أبا ذر إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه» عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: «لا والله لا يقبل الله شيئا من طاعته على الإصرار على شيء من معاصيه» وبعد كل ما تقدم أصبح واضحا وجليا أن المؤمن إنما يخرج عن ربقة الإيمان التام الحقيقي بالإصرار على الذنب والمعصية، ويغدو واضحا أيضا أن المؤمن قد يذنب الذنب الكبير أو الصغير، لكنه يسارع إلى الاستغفار والتوبة فيتوب الله عليه، وقد تقدم فيما مضى أن الشفاعة هي لأهل المعاصي من المؤمنين" الغريب فى الفقرات السابقة إصرار المركز على خلود المذنبين المصرين على ذنوبهم النار وعدم خروجهم منها وهو يستشهد بالعديد من الروايات على ذلك ولكنه يفاجئنا فى الفقرة التالية أنهم يخرجون من النار ويدخلون الجنة فيقول: "ب المؤمنون الذين يدخلون النار: وكما تنفع الشفاعة المؤمنين في القيامة ليغفر لهم الله ذنوبهم فيدخلون الجنة كذلك تنفعهم الشفاعة حتى بعد الدخول في النار فيخرجون منها، وهذا ما تفيده الأحاديث النبوية الشريفة المروية عن رسول الله (ص) وأهل بيته المعصومين عليهم السلام التي تتحدث عن أن هناك من المؤمنين من يتم إخراجهم من النار بشفاعة الرسول والمؤمنين الصالحين قال رسول الله (ص): «يشفع الأنبياء في كل من يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، فيخرجونهم منها» وقال رسول الله (ص): «إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة»وقال رسول الله (ص): «ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين» وقال رسول الله (ص) في حديث: «أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم نار بذنوبهم أو بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فيخرجون ضبائر ضبائر» وهو تناقض فى الكلام لا يمكن أن يتم تصديقه فإما أن يكونوا فى النار بلا خروج وإما أن يدخلوا الجنة بعد النار وبعد ذلك يحدثنا المركز عن كون الكفار هم المخرومين من الشفاعة فيقول: "ثالثا: غير المشمولين بالشفاعة: "قد عرفنا أن الشفاعة تخص المؤمنين وأن الكافرين محرومون منها فلا تنفعهم لا قبل الدخول في النار ولا بعده، وقد تكرر الوعد الإلهي في القران الكريم لعدة أصناف من الناس بأن يكونوا خالدين في النار لا تنالهم شفاعة الشافعين" | |
|