رضا البطاوى
عدد المساهمات : 2893 تاريخ التسجيل : 27/12/2016
| موضوع: قراءة فى كتاب السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم الإثنين ديسمبر 23, 2019 8:22 am | |
| قراءة فى كتاب السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم مؤلف الكتاب شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ) بداية العنوان به خطأ وهو تقسيم المال لمحمود ومذموم أى حسن وسيىء فالمال مخلوق حسن والحمد والذم أى الحسن والسوء إنما هو فى عمل الإنسان كما قال تعالى : "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" ولا نجد فى القرآن تعبير المال أو الأموال المحمودة أى الحسنة ولا المال السوء أى المذموم وإنما نجد تعبير الحسن والسوء وهو الحمد والذم فى فعل الإنسان بهم كما فى قوله تعالى : "الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" "يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شىء مما كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين" "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير" "والذين يكنزون الذهب والفضة ثم لا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" ومن ثم ما نطلق عليه المال الحرام والمال الحلال تعبير خاطىء فالمال محايد والحرمة والحل هى عمل الإنسان بالمال فمثلا نباتات الدخان والحشيش ومثلا الحيوانات كالخنزير كلها خلق الله وهو خلق حسن كما قال تعالى : "الذى أحسن كل شىء خلقه" الحرام أو المذموم والحلال وهو المحمود هو ما يفعله الإنسان بها فمثلا الحشيش إذا تناولها الإنسان للتدخين فمثلا بها فهو أتى عملا مذموما محرما وإذا استخرج منها دواء فقد أتى عملا حلالا محمودا ومثلا ما يسمونه الصدقة بالمال تصبح حلالا محمودة إذا لم يكن فيها منا ولا أذى كما قال تعالى : "الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم" وإذا كان فيها منا أو أذى تصبح حراما مذمومة كما قال تعالى "يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس" وقد سمى الله المال مال الله فقال : " وأتوهم من مال الله الذى أتاكم" فهل مال الله يكون محمودا ومذموما أم كله حسن؟ نأتى بعد ذلك لموضوع الكتاب وهو سؤال عن حديثين دعا فيهما النبى(ص) كما يزعمون لمسلم وكافر بنفس الدعاء وفى هذا قال السخاوى: "برزت الإشارة بالإيماءات مع صريح العبارة من علامة مطيق منطيق، وفهامة متحقق بالتدقيق والتحقيق، مارس كثيرا من العلوم، ونافس بفكره الصافي في فني المنطوق والمفهوم، وظهرت سيادته وانتشرت رئاسته، واغتبط الملوك ببهجته ونضارته، وارتبط الغني فضلا عن الصعلوك بساحته -زاده الله -تعالى- من فضله، وأبقاه لنشر العلم والتنويه بأهله، وختم له بالحسنى، ورفعه إلى المحل الأسنى- إلى استشكال الجمع بين دعائه (ص)لخادمه سيدنا أنس بن مالك حسبما اتفق عليه الشيخان بكثرة المال والولد مع كونه -كما روي من أوجه يرتقي بها إلى الحسن- دعا بذلك على من لم يؤمن به ولم يصدقه، والتمس من المملوك الجواب فكتب ذلك باختصار لكونه فهم أن الغرض حين سمى القاصد إنما هو بيان مرتبة الحديث الثاني ومن أخرجه، ثم تبين له حقيقة المراد" فكانت الإجابة من السخاوى هى: "فقال على سبيل الغرض على المشار إليه، لا قصدا للتطويل لديه، غير متعرض لما كتبه أولا في تخريج الحديث: الجواب كما ظهر لي أنه يقال: ليس المالان في الموضعين على حد سواء، فالذي دعا لخادمه بالكثرة منه هو الذي قال فيه (ص)«لا خير فيمن لا يحب المال ليصل به رحمه، أو يؤدي به عن أمانته ويستغني به عن خلق ربه» والمعنى في هذا كما قال العسكري: إنه لا خير فيمن يحب المال لغير هذه الخصال، وإنما يحب المؤمن -يعني: الكامل- المال لهذه الأشياء ، ونحوه قول سعيد بن المسيب -رحمه الله-: «لا خير فيمن لا يجمع المال فيقضي دينه ويصل رحمه، ويكف به وجهه» ولذلك يروى -كما أخرجه أحمد وابن منيع في «مسنديهما» - من حديث عمرو بن العاصي قال: قال لي رسول الله (ص)«يا عمرو نعما بالمال الصالح للمرء الصالح» -وفي لفظ: «نعم المال الصالح للرجل الصالح» وأخرج الديلمي عن جابر عن النبي (ص)أنه قال: «نعم العون على تقوى الله المال» وعند الطبراني في «الأوسط» عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قيل يا رسول الله من السيد؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (ص)قالوا: فما في أمتك من سيد؟ قال: بلى، رجل أعطي مالا حلالا، ورزق سماحة، وأدنى الفقير، وقلت شكاته في الناس» فمن تكون الدنيا في يديه ويؤدي الحقوق منها، ويتطوع بالأمور المستحبة فيها، ولم تكن عائقة له عن الوصول إلى الله تعالى، ولا لها في قلبه مزية، ولا يفخر بها خصوصا على من دونه، يكون ذلك زيادة له في الخير وكم من غني متصف بذلك وأزيد منه مثل سليمان (ص) وعثمان ابن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة الفياض أحد العشرة بل قد حملت خزائن الأرض إلى رسول الله (ص)وإلى صاحبيه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، فأخذوها ووضعوها في مواضعها، وما هربوا منها لكونهم قد استوى عندهم الماء والمال، والذهب والحجر، كما عرف من سيرهم وأحوالهم على أنه (ص)لم يقتصر في الدعاء لأنس -رضي الله عنه- بالإكثار فقط، بل ضم إليه الدعاء بالبركة الذي صدوره منه (ص)يشمل عدم الافتتنان به، بحيث يزول محذوره، إذ الدنيا بلاء وفتنة ففي الأحاديث الإلهية يقول الله -عز وجل-: «ابن آدم ما خلقت هذه الدنيا إلا محنة» ، ولهذا قال (ص)«إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون» وقال أيضا: «إن هذا الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم، وأنهما مهلكاكم فانظروا كيف تعملون» وقال -أيضا-: «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال» وكذا يشمل عدم نفادها من بين يديه، واحتياجه إلى اللئام ممن يفخر ويزهو بها عليه قال (ص)لجرير «يا جرير إني أحذرك الدنيا، وحلاوة رضاعها، ومرارة فطامها» ولا شك أن من فاز بشمول البركة في ماله كان ممن يغبط على نواله قال (ص)«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، » وأما المال الذي دعا بالكثرة منه على من لم يؤمن به، وكذا الذي دعا بالتقلل منه لمحبيه، فهو المباين لما تقدم بكل طريق في الحقوق الواجبة، وكذا المستحبة، بل هو المعني بقوله (ص)«ورب متخوض في مال الله -عز وجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ له النار يوم القيامة» ولو اتفق صدور صلة أو نحوها من الكافر فيه كان حظه منه ما خول فيه من صحة، ومال، وشبههما وقد قال (ص)«لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة» وقال -أيضا-: «يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء بم أخذ المال، أمن حلال أم من حرام» وإلى قريب من هذا الجواب أشار شيخنا رحمه الله، فإنه قال في «فتح الباري» : «فإن قيل: كيف دعا لأنس، وهو خادمه بما كرهه لغيره؟! فيحتمل أن يكون مع دعائه له بذلك قرنه بأن لا يناله من قبل ذلك ضرر، لأن المعنى في كراهية اجتماع المال والولد إنما هو لما يخشى في ذلك من الفتنة بهما، والفتنة لا تؤمن معها الهلكة» انتهى كلام شيخنا ويتأيد بقول أنس «أنه (ص)ما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا له به» وإلى الفرق بين المالين -الذين أحدهما: وبال، والآخر: نوال- أشار - صلى الله عليه وسلم -بقوله: «إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة» ، وفي رواية: «هم الأخسرون» وفي لفظ: «هلك المثرون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا -فحثى بين يديه وعن يمينه وعن شماله- وقليل ما هم» وأيضا فالناس مختلفون، فمنهم من تصلحه الدنيا ويصلح عليها، ولا يزداد بها إلا فضلا وتواضعا، كما نشاهده في أفراد وقد كان قيس بن سعد الأنصاري -رضي الله عنهما- يقول: اللهم ارزقني مالا وفعالا، فإنه لا يصلح المال إلا بالفعال، ولا الفعال إلا بالمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه وهذا هو الذي قال فيه (ص)«إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت» ويروى عن الحسن والحسين أنهما قالا لعبد الله بن جعفر : إنك قد أسرفت في بذل المال فقال: بأبي أنتما وأمي، إن الله قد عودني أن يتفضل علي، وعودته أن أتفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة فيقطع عني وقال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي: أنت متلاف، فقال: منع الجود سوء الظن بالمعبود وقال أكثم بن صيفي حكيم العرب: «ذللوا أخلاقكم للمطالب، وقودوها للمحامل، وعلموها المكارم، ولا تقيموا على خلق تذمونه من غيركم، وصلوا من رغب إليكم، وتحلوا بالجود يلبسكم المحبة، ولا تعتقدوا البخل فتستعجلوا الفقر» ومنهم دنيء الأصل، رديء الطباع، واثق بما في يديه، فهذا لا يصلحه المال، ولا يصلح عليه كما يروى عن أنس وعمر وغيرهما من الصحابة عن النبي (ص)أنه قال: يقول الله -عز وجل-: «إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك» الحديث على أنه يمكن الفرق بين المالين بخلاف هذا -أيضا-، وذلك بأن يقال: لا يلزم من الكثرة التي دعا بها لأنس وجود مال مدخر، بل لعلها مال يتجدد له في كل يوم من ربح وغيره، وهو ينفده أولا فأولا، بخلاف التي دعا بها لغيره نفيا وإثباتا أو يكون المدعو بها لأنس هي الكثرة من المواشي، وكذا من الزرع والغرس، الذي قال (ص)فيه -كما في «صحيح مسلم» وغيره- من حديث جابر وغيره: «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو بهيمة أو شيء -وفي لفظ: «أو طائر» - إلا كان له به صدقة» وذلك كان أكثر أموال الأنصار، الذي قال -: أنه من أكثرهم مالا ويستأنس له بما ورد أنه كان له بستان يحمل في السنة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منه ريح المسك وجاءه قيمه في أرضه فقال: يا أبا حمزة عطشت أرضك، فتردى -أي: لبس رداءه- ثم خرج إلى البرية، ثم صلى ما قضى الله له، ثم دعا فثارت سحابة فجاءت وغشيت أرضه، ومطرت حتى ملأت صهريزة له، وذلك في الصيف فأرسل بعض أهله، فقال: انظروا أين بلغت، فإذا هي لم تعد أرضه والمال الآخر، هو: النقد المدخر وغيره، ثم إن من كره المال إنما كرهه للحساب عليه، وكون الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وهو خمس مئة عام ، ولكن كان سفيان الثوري يقول: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس ، ونحوه قوله (ص)«إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» وقال الثوري مرة لمن عاتبه في تقليب الدنانير: دعنا عنك فإنه لولا هذه لتمندل الناس بنا تمندلا بل جاء عنه أنه قال: المال في هذا الزمان سلاح المؤمن ونحوه قول ابن عيينة -رحمه الله-: من كان له مال فليصلحه، فإنكم في زمان من احتاج فيه إلى الناس؛ فإن أول ما يبذله دينه وكأن السفيانين رحمهما الله أشارا إلى ما يروى عنه (ص)أنه قال: «إذا كان آخر الزمان لا بد للناس فيها من الدراهم والدنانير، يقيم الرجل فيها دينه ودنياه» ونحوه: «يأتي على الناس زمان من لم يكن معه أصفر ولا أحمر لم يتهن بالعيش» «الدنانير والدراهم خواتيم الله في أرضه، من جاء بها قضيت حاجته، ومن لم يجىء بها لم تقض حاجته» إلى غير ذلك، مما ينتشر الكلام بسببه بل يروى عنه (ص)أنه قال: «إنما يخشى المؤمن الفقر؛ مخافة الآفات على دينه» وكان سعيد بن المسيب يقول: اللهم إنك تعلم أني لم أجمع المال إلا لأصون بها حسبي وديني وعن ابن أبي الزناد وقيل له: أتحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟! فقال: هي وإن أدنتني منها فقد صانتني عنها وقد جنح إمامنا الشافعي إلى تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر ، فهذا ما فتح الله -عز وجل- به في الجمع بين هذين الحديثين وقد استروح الداودي المالكي فقال في حديث الدعاء لأنس: أنه يدل على بطلان الحديث الآخر، قال: وكيف يصح ذلك وهو (ص)يحض على النكاح والتماس الولد؟! ولذلك تعقب الداودي شيخنا -رحمهما الله- وقال: «إنه لا منافاة بينهما، يعني بين الحض على النكاح والتماس الولد، وبين الدعاء بعدم حصول الولد والمال معا، لاحتمال أن يكون ورد في حصول الأمرين معا» قال: لكن يعكر عليه كراهيته لغير أنس ما دعا به له، ثم أجاب عنه بما أسلفته معزوا إليه فإن استشكل دعاؤه (ص)على من لم يؤمن به بكثرة المال والولد بمن يشاهد من الكفار المقلين منهما معا، والحال أن دعاءه (ص)مجاب، أمكن أن يقال: لعله (ص)لم يقصد حقيقة الدعاء عليهم، إنما أراد منه تنفير من يحبهما معا من محبيه على الوجه المذموم كما تقدم ونحوه القول في غالب من دعا عليهم (ص)من الكفار، ممن تخلف دعاؤه فيهم، بأنه لم يرد بذلك إهلاكهم، وإنما أراد ردعهم؛ ليتوبوا وقد قيل في (عقرى) و (حلقى) أن ظاهره الدعاء لكنه غير مراد، وكذا قيل في (ويل أمه) و (لا أبا له) ، و (تربت يداه) ، و (قاتله الله) ونحو ذلك ويحتمل أن يقال: لعله أراد قوما مخصوصين في زمنه (ص)أو يقال بالفرق بين من صدر منه الدعاء عليه بطريق التعيين، وبين من اندرج في العموم، لا سيما بعد نزول قوله -تعالى-: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} [آل عمران:128] ، فقد صح أنه (ص)كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده: «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» يجهر بذلك وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: «اللهم العن فلانا وفلانا» لأحياء من العرب، حتى أنزل الله -عز وجل-: {ليس لك من الأمر شيء} الآية ويستأنس له بقول شيخنا في حديث: «أيما مؤمن سببته أو جلدته، فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة» : «ما أظنه يشمل ما وقع منه بطريق التعميم لغير معين، حتى يتناول من لم يدرك زمنه » على أنه قد جاء في «صحيح مسلم» من حديث سعد بن أبي وقاص أنه (ص)أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربه طويلا، ثم انصرف إلينا فقال: «سألت ربي ثلاثا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، فسألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألت ربي أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها» وفي الباب عن أنس ، وثوبان ، وخباب بن الأرت ، وابن عباس ، ومعاذ بن جبل ، وأبي بصرة الغفاري وبه تعقب شيخنا قول بعض شراح «المصابيح» أن جميع دعوات الأنبياء (ص) مستجابة، وقال: «إن في قوله غفلة عن الحديث الصحيح، وهو «سألت الله ثلاثا» » وذكره ويساعد شيخنا من أجاب من استشكل ظاهر قوله (ص)«لكل نبي دعوة مستجابة» بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة، ولا سيما نبينا (ص)بقوله: إن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهو على رجاء الإجابة وكذا من قال أن المراد بأن لكل منهم دعوة عامة مستجابة في أمته، إما بإهلاكهم وإما بنجاتهم، وأما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب، ومنها ما لا يستجاب وبالجملة فالمقام خطر، وما قلته أولا من الاحتمالات أنسب، وآخرها أحسنها، وليس المسؤول بأعلم من السائل" أكثر السخاوى من النقول ولم يجب الجواب اليقينى كما قال فى نهاية الكتاب : "وما قلته أولا من الاحتمالات أنسب، وآخرها أحسنها، وليس المسؤول بأعلم من السائل" والمفروض فى كتاب يتحدث عن مشكلة فى حديثين أن يذكر نص الحديثين ولكن السخاوى اكتفى بكلامه هو عن مضمون الحديثين وللعلم نذكر الحديثين: الأول: "عن أنس بن مالك قال : دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته "، فأَكْثَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ مالي؛ حتى إن كرماً لي يحمل مرتين، وولد لصلبي مئة وستة أولاد . هذا حديث حسن صحيح" الثانى: " عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله(ص)إذا دعوتم لأحد من اليهود والنصارى فقولوا أكثر الله مالك وولدك" وهذا الحديث ضعيف السند فقد رواه ابن عدي وابن عساكر وضعفه الشيخ الألباني" الحديث الأول لا يصح لأمرين : 1-علم النبى(ص) أن كثرة الإنجاب وقلته وعدمه شىء يحدث لمشيئة الله وليس للدعاء دخل فيه مع قوله تعالى وفى هذا قال تعالى: "لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما" ومن ثم فهو لن يدعو بشىء يعلم انه ليس بالدعاء ولا بغيره 2- طول الحياة أمر محال لقوله تعالى "لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" فالعمر مقدر ولا يمكن أن يزيد أو ينقص عن المدة التى هددها الله من قبل 3- وجود رواية تقول" دفنت من صلبى مائة واثنين" وهى تناقض رواية الدعاء فهذا معناه أن من عاش من ولده أربعة وكلهم ماتوا وهذا ليس عددا كثيرا 4- أننا لو افترضنا كما يقولون أن عاش مائة سنة وأنه تزوج بعد وفاة النبى(ص) لأنه كان يخدمه ولا يفارقه وهو فى سن الخامسة والعشرين تقريبا وتزوج أربعا فهذا معناه أن الرجل كان يعصى الله فى إنجاب الأولاد فالمفروض هو إنجاب طفل كل ثلاث سنوات سنة حمل وسنتين رضاعة ومن قم فكل امرأة لو تزوجها فى الخامسة عشر ستنجب على الأكثر حتى الخمسين حوالى 15 طفلا وأربع نسوة فى15 بستين طفلا وليس مائة 5- أن الرسول(ص) يعلم أن الله قسم الرزق بالعدل وهو التساوى فقال : "وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" فكيف يدعو للرجل بكثرة المال وهو يعلم أنه قسم الرزق بالعدل فإن طلب زيادته لواحد فقد دعا عليه أو أراد به الشر لأن تلك الزيادة تغنيه ومن اغتنى يكفر كما قال تعالى : "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى" كما أنه يعلم أن الأرض بكل ما فيها من مال رزق للمسلمين جميعا بالعدل وهو التساوى إلا أن يريد الله زيادة طفيفة عبر وسائل شرعها كالورث والهبة والغنيمة وفى هذا قال تعالى : "ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون" الحديث الثانى : لايصح هو الأخر بغض النظر عن السند للتالى: 1-أن الشريعة لا تخص فريق من الكفار بشىء فلو كان حديثا لكان عاما فى كل الكفار والأقرب أن يدعو للمشركين وهو قد فعل فى الاستغفار كما قال تعالى "ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم" 2-أن المسلمين لا يدعون لشىء يعلمون أنه لا يتغير بالدعاء وهو إنجاب الأولاد فهذا أمر قدره الله لكل واحد ومن ثم فالكتاب قام على حديثين غير صحيحيين | |
|