التحليل المنطقي للركوع ودليله
ما أقوله في الفقرة الأولى من الموضوع هو تحليل منطقي وليس دليلا .
إن هناك من الكلمات ما تنشأ من مركب واحد يكون هو الأساس ثم تتفرع منه حسب الوظائف ، وهنا آخذ مثالا يتعلق بالموضوع ، فعندما يتحرك إنسان مستعمل أحد أعضاء جسمه ، وتكون الكلمة الدالة على هذه الحركة تبدأ بالحرفين [ رك ] فإن الحركة تكون عموما باستعمال الرجلين ، فمثلا كلمة [ رَكَبَ ] والتي هي حركة بأحد أعضاء الجسم ، وهي تبدأ بالحرفين [ رك ] فإن هذه الحركة تتم باستعمال الأرجل ، وكذلك كلمة [ رَكَضَ ] والتي هي حركة بأحد أعضاء الجسم ، وهي تبدأ بالحرفين [ رك ] فإن هذه الحركة تستعمل فيها الأرجل ، كقوله تعالى ( ... اركض برجلك ... ) فكلمة [ ركض ] تستعمل فيها الأرجل ، وحتى عندما تضربون شخصا بأرجلكم تقولون [ ركلته ] فتستعملون كلمة [ رَكَلَ ] التي تبدأ بالحرفين [ رك ] وهي كلمة تعبرون فيها عن استعمال الأرجل ، ونفس الشيء بالنسبة لكلمة [ رَكَعَ ] فهي تبدأ بالحرفين [ رك ] تعبيرا عن حركة تتم باستعمال الأرجل وليس باستعمال الظهر ، وحتى الركبة التي تعرفونها ، فهي تبدأ بالحرفين [ رك ] وهي في أرجلكم وليس في ظهوركم .
عندما ننظر لجسم الإنسان نجد أن هناك من الأسماء ما يشترك في النطق لكونه يحمل دلالة واحدة ، فالقدمان مثلا ينتهيان بشيء اسمه [ الكعبان ] واليدان ينتهيان بشيء اسمه [ الكوعان ] وكلا من [ الكعب ] و [ الكوع ] يشتركان في الحرفين [ ك ع ] فهذين الحرفين لهما علاقة بالقدمين واليدين ، والنطق [ كوع ] هو خاص باليدين ، علما أن حرف الواو الموجود في كوع هو من أصل الكلمة وليس تعبيرا عن الجمع لأننا نقول عن اثنين [ كوعان ] وبالنسبة لكلمة [ ركوع ] فمؤخرة الكلمة [ كوع ] لها دلالة استعمال اليدين ، وكذلك الواو الموجودة في كلمة [ ركوع ] فهي أيضا من أصل الكلمة وليس تعبيرا عن الجمع .
نعود الآن لكلمة [ ركوع ]
لقد رأينا أن مقدمة الكلمة [ رك ] لها دلالة استعمال الأرجل ، ولها أيضا دلالة استعمال الركبتين ، وبما أن كلمة [ رُكوع ] مرفوعة النطق في البداي[ رُك ] وكلمة [ رُكبتين ] مرفوعة النطق في البداية هي أيضا [ رُك ] فإن الدلالة الغالبة للركوع هي استعمال الركبتين ، وقد رأينا سابقا أن مؤخرة الكلمة [ كوع ] لها دلالة استعمال اليدين ، وبالتالي فإن كلمة [ ركوع ] هي كلمة مركبة من [ رُك ] وضعية الرُكبتين ، و[ كوع ] وضعية اليدين إلى الكوعين ، [ فالركوع ] باختصار هو [ الركبة والكوع ] وهذا هو الركوع الحقيقي ، وهو الخر على الأرض باستعمال الركبتين واليدين إلى الكوعين وهو ما استنتجناه من طرق أخرى في السنة الماضية ، وهذا تحليل منطقي لا نتكلم به كدليل في التشريع ، وإنما هو تحليل ليزيد المؤمنين إيمانا بإذن الله . وعندما نضيف لهذا التحليل ما ذكرناه من أدلة حول الركوع في المواضيع المطروحة في هذا الباب ، فإننا نصبح على يقين تام بإذن الله بأن الركوع يتم على الأرض بوضع الركبتين واليدين إلى الكوعين ، ولا علاقة له بالانحناء ، وأن الانحناء دخيل على الدين ، ولا أصل له في التشريع .
والآن ندخل في الأدلة التشريعية مما أنزل الله
ــ الدليل الأول
والآن ننتقل إلى الدليل مما أنزل الله ، ونأخذ قوله سبحانه وتعالى إذ يقول في حق داوود ( ... فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ... ) وهنا أطرح سؤالا وأقول ، هل الركوع الذي قام به داوود هو على الأرض أم في السماء ألا ترون الآن أن الركوع يتم على الأرض ، وهو واضح في قوله ( خر ) أي الوقوع على الأرض ، فهل الانحناء تخرون فيه ، وهذا الركوع الذي قام به داوود هو ما أثبتناه بالتحليل سابقا ، وهنا داوود خر راكعا ليسجد ، ولكن الله ذكر الركوع دون السجود لأن هناك خطأ ما تبين لداوود فراح يستغفر منه ، والركوع يعبر كثيرا عن الاستسلام والتسليم ، ولا يوجد دليل شبيه بهذا يقول عن الانحناء ، فأتوني بدليل واحد إن كنتم صادقين ، وعلى القارئ أن يقف عند هذا ليفكر في الأمر جيدا ، ويقرأ الموضوع عدة مرات ثم ينظر لأعماله
أين هو من هذا .
ــ دليل آخر
إن الركوع هو مرحلة انتقالية للسجود ، فعندما نريد السجود نمر عبر الركوع ، حيث نخر لنضع الركبتين والأيدي على الأرض ، ثم نسجد ، إذن فالركوع هو مرحلة انتقالية للسجود ، وهذا الذي أنزله الله ، أي بعد قراءة القرآن ننتقل مباشرة إلى السجود ، مرورا بالركوع ، وكل هذا يتم على الأرض ، أي بعد القراءة يأتي الخر مباشرة ، ومثل هذا كثير ، كقوله سبحانه ( ... إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا ... ) أو كقوله ( ... إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا ... ) فانتبه جيدا رحمك الله ، أرأيت كيف أن بعد القراءة يـأتي دائما الخر للسجود ، ولا تجد غير هذا أبدا في كل ما أنزل الله ، فأين هو الانحناء يا جماعة ؟
آتوني بدليل واحد يقول أن بعد القراءة يأتي الانحناء ، أطالبكم بدليل واحد وواحد فقط ، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، وهل أزيدكم ؟ طيب ...... بإذن الله
ــ دليل آخر
إن التسبيح يكون في السجود فقط ، ويأتي مباشرة بعد قراءة القرآن ، وإليك ما أنزل الله ، يقول سبحانه وتعالى ( ... إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ... ) أنظر ما أنزل الله ، أين تجد التسبيح ؟ أجبني ، أين تجد التسبيح ؟ هل تجده في الانحناء ؟ كلا ، نعم قل كلا ، إنه في السجود ، ولا يوجد له أثر في الانحناء ، أتدري لماذا ، لأن الانحناء لا أصل له ، ولم ينزل به الله ، فهو من صنع آبائكم وما كتبت أيديكم ، فأين هو التسبيح الذي صنعتموه في الانحناء ، فكيف لا يوجد أثر للانحناء ، ولا يوجد أثر للتسبيح فيه ، لأنه بكل بساطة لا أصل له ، وها قد آتيتكم ببرهان آخر على عدم وجود الانحناء ولا على التسبيح فيه ، فأتوني بدليل واحد على وجوده أو على التسبيح فيه ، فهل تريدون أن أزيدكم ؟ طيب ... بإذن الله أزيدكم .
ــ دليل آخر
نأخذ قوله سبحانه ( ... يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم ... ) فانظروا جيدا لهذه الآية ، فإن فيها الركوع وفيها السجود ، إذن فماذا تفعلون عندما تصلون لهذه الآية وأنتم في الصلاة ، قولوا لنا ماذا تفعلون ، أجيبونا يا جماعة ، والجواب أنكم تقومون بالركوع على الأرض كما بينته لكم ، وتخرون مباشرة بعد القراءة ، ولا تقومون بالانحناء ، أليس هذا صحيح ؟ ولماذا تفعلون هذا ؟ هل تغير الركوع يا جماعة ؟ وأين ذهب الانحناء يا ترى ؟ فلماذا تخرون مباشرة ؟ ولماذا تقومون بالركوع على الأرض ؟ أم حذفتم الركوع وتركتم السجود ، فالله أمركم بالركوع والسجود ( اركعوا واسجدوا ) هكذا قال ، وإذا كان ما تفعلونه على الأرض ليس ركوعا فأين هو الركوع إذن ؟ وأين هو الانحناء ؟
الخلاصة
إن الركوع هو مرحلة انتقالية تقع على الأرض عندما نخر للسجود ، فنمر بالركوع دون المكوث فيه ، لذلك يوجد التسبيح في السجود ولا يوجد في الركوع ، أما الانحناء فلا أصل له في دين الله .
أسئلة
ــ بالله عليكم بعد الذي بينت لكم ، من الذي يصلي فينا كما أنزل الله ، هل أنتم أم أنا ؟ قولوا الحق يا جماعة .
ــ آتوني بدليل واحد على وجود الانحناء
ــ قوله سبحانه ( ... فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ... ) هل ركع داوود على الأرض أم قام بالانحناء ؟
ــ ( ... يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم ... ) هل تركعون على الأرض أم تقومون بالانحناء ؟
ولماذا لا تنحنون ، وأين ذهب الانحناء ؟
الكاتب : بنور صالح
آخر تعديل bennour يوم 27-03-08 في 17:41.