النسخ ليس التبديل

النسخ هو الكتابة للتسجيل و ليس ذلك بالتبديل. ( ما ننسخ من آية أو ننسها...)
التبديل هو جعل آية تحل محل آية أخرى  (و إذا بدلنا آية مكان آية...)


1- النسخ
   نسخ تعني كتب، نقل ، دون، سجل بالكتابة أي  بالقلم أو بالنحت أو ما أشبه ذلك.
و هذا المعنى يتجلى في عدة آيات. ولا يمكن أبدا  احتمال المعنى و ضده في نفس الوقت ألا وهو الكتابة والفسخ و محو ما كتب في أول الأمر.و كيف يعقل بصفة عامة  أن يخلق الإنسان كلمات لها معنيين متضادين؟ و لم خلقت الكلمات و الأسماء؟ أليس لكي لا تختلط علينا المفاهيم ولكي نعي ما يقول بعضنا لبعض؟

. فلغتنا العربية لغة فصيحة لا تقبل الريب بشهادة من الله عز و جل. (ذلك الكتاب لا ريب فيه) فأين الفصاحة والبلاغة  والبيان إن وجد بالقرآن كلمات تحمل المعنى و ضده في نفس الوقت. (الزمر - الآية 28قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)

النساء - الآية 82أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
نعود للآية
۞ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
في هذا السياق  لفض "أو" يعني الإختلاف بين ننسخ و ننسي. فعندما ينسي الله آية فهي تمحى من النص و تنسى و لن يستطيع أحد أن يتذكرها فيكون معنى  " ننسخ من آية " هو  نكتبها   فلا تنسى. ففي النسخ تسجيل لتبقى نافذة المفعول على عكس محو الآية و نسيانها.

دليل آخر : يقول تعالى (نأتي بخير منها أو مثلها) يعني ذلك:
1- يأتي الله بخير من الآية التي كتبت أو الآية  التي أنسيت و ضاعت . و خير من التي كتبت لا يعني أنها مخالفة لأن الله ينفي وجود تناقض أو اختلاف بالقرآن. و أما الآية التي أنسيت فيمكن تبديلها بآية مخالفة كمثل تبديل آية القبلة الأولى إلى التي نعرفها الآن.  
2- أو يأتي الله بمثل الآية (غير مخالفة) التي كتبت أو التي أنسيت .

دليل آخر على معنى نسخ هو الكتابة والتسجيل :

الأعراف 154  
وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يرهبون.


من الواضح هنا  بدون أدنى شك أن معنى نسخة (من نسخ ينسخ نسخا) هو الكتابة للتسجيل .


استعمال استنسخ
الجاثية 29. هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تعملون    
 
استنسخ في هاته الصيغة ( على وزن استفعل) تعني
- التحول  من الكلام المسموع  إلى التسجيل عن طريق الكتابة. فبالتالي هي تعني نسخ مع معلومة إضافية عن عملية النسخ
- يمكن أن تعني الطلب  أو  النسخ باستعمال الملائكة مثلا. و نفهم أن الله يطلب من الملائكة تسجيل ذلك الكلام. و طلب يأتي من الله هو أمر. 

  ق 17. 
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قعيد.


الله  يستعمل في آيات أخرى كلمة الكتابة أي يكتب و يسجل (يستنسخ) ما يقول الناس:


آل عمران 181. قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحريق.




مريم. 79. كَلَّا ۚ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا
 يس  12. إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ
 بهاته الآيات يتضح أن استعمال كلمة نستنسخ تفيد الكتابة مع فرق صغير هو كيفية تلك الكتابة.

 الحج 52 وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حكيم.


فبهاته الآية نفهم أن الله يكتب ما قال الشيطان لتسجيل قوله الذي سيكون عليه حجة يوم القيامة. و نلاحظ هنا كلمة يلقي. كذلك يتلقى المتلقيان عن اليمين و عن الشمال قعيد ( الملائكة )، كلمات الشيطان الملقاة في ما تمنى الرسول.


فالله يسجل قول الشيطان في كتاب الشيطان الذي سيعرض يوم القيامة و ليس بالقرآن فكل إنس أو جان له كتاب تسجل به كل صغيرة و كبيرة. و يحكم الله آياته فتكون صحيحة من دون أي زيادة أو نقصان.


فالشيطان يلقي في ما يتمنى الرسول و لكن الله يحبط  عمله فلا يستطيع أن يغير شيءا بالآيات.


فالنسخ ليس معناه تبديل آية بآية معاكسة الأولى مع ترك الآيتين المتضادتين في نفس الكتاب لكي لا يكون إختلاف و تناقض في المعلومات والأحكام . النسخ هو التسجيل بالكتابة.


2 -التبديل

تبديل آية بآية (كلمت نسخ ليست مرادفة) :


النحل 101. وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ


إن شاء الله تبديل آية بآية فيكون ذلك :
- إما أن  يمحو و ينسي الآية الأولى و ينسخ ( يكتب) الآية البديلة ففي هاته الحالة يمكن أن تكون الآية البديلة مثل الأولى أو خيرا منها أو حتى مضادة للأولى المنسية بحيث لا يكون تناقض في نفس الكتاب. (مثال تغيير القبلة)
- وإما أن يترك الآية موجودة في كتاب سابق و يأتي بآية بديلة في الكتاب الأخير بحيث لا يكون تناقض في نفس الكتاب مثال ما حرم الله في كتاب سابق و يحله في الكتاب الأخير مثال  ( آل عمران 50.
وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

فالله أحل هنا بالإنجيل ما حرمه عليهم بالتوراة.  ففي ذلك العصر الآيتين موجودتين ولكن ليس في نفس الكتاب ( كل واحدة في كتاب) فليس هناك تناقض ولكن الآية الأخيرة تهيمن على آية الكتاب السابق في حالة الخلاف.  فالآية السابقة يعمل بها إلى نزول الآية الأخيرة بالكتاب الجديد.


المائدة 48

وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ