رضا البطاوى
عدد المساهمات : 2892 تاريخ التسجيل : 27/12/2016
| موضوع: نظرات فى تفسير سورة الإخلاص الخميس أكتوبر 31, 2024 4:46 am | |
| نظرات فى تفسير سورة الإخلاص المؤلف زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن السَلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي (المتوفى 795 هـ) وهو يدور حول تفسير سطر من كتاب الله هو سورة الإخلاص وقد استهل ابن رجب كتابه بالحديث عن موضع النزول فقال : "«الكلام على سورة الإخلاص» وفي موضع نزولها قولان: أحدهما أنها مكية والثاني مدنية " والكلام عن الذات الإلهية لابد أن يكون فى أول مرحلة من القرآن حيث يعرف الله نفسه لرسول(ص) وبقية خلقه وتحدث عن كون السورة نسبة الله وكأن الله له عائلة ينسب لها فقال : "وذلك في فصول في فضائلها وسبب نزولها وتفسيرها أما فضائلها فكثيرة جدا؛ منها أنها نسبة الله عز وجل خرج الطبراني من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص)«لكل شيء نسبة ونسبة الله {قل هو الله أحد * الله الصمد} وليس بأجوف» الوازع ضعيف جدا وعثمان يروي المناكير وسيأتي في سبب نزولها ما يشهد له" والغريب أنه نفى صحة الحديث الذى استشهد به على النسبة المزعومة وتحدث عن كونها صفة الرحمن فذكر حديث أخر كاذب فقال : "ومنها أنها صفة الرحمن وفي «صحيح البخاري ومسلم» من حديث عائشة أن النبي (ص)بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي (ص)فقال «سلوه؛ لأي شيء يصنع ذلك؟» فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي (ص)«أخبروه أن الله يحبه» قطعا لا ذكر للرحمة فى السورة حتى يقال أنها صفة الرحمان إلا إذا كان يعنى الله وليس لفظ الرحمان وتحدث عن أحاديث تحبذ أو توجب قراءتها فى الصلوات فقال : "ومنها أن حبها يوجب محبة الله لهذا الحديث المذكور آنفا ومنه قول ابن مسعود «من كان يحب القرآن فهو يحب الله» ومنها أن حبها يوجب دخول الجنة ذكر البخاري في «صحيحه» تعليقا وقال عبيد الله عن ثابت عن أنس قال كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ {قل هو الله أحد} حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة وذكر الحديث وفيه فقال النبي (ص)«يا فلان ما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟» فقال إني أحبها فقال «حبك إياها أدخلك الجنة» وخرجه الترمذي في «جامعه» عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن الدراوردي عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عمر وغربه وقال روى مبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله إني أحب هذه السورة {قل هو الله أحد} فقال «إني حبك إياها أدخلك الجنة» وقد خرجه أحمد في «المسند» عن أبي النضر عن مبارك بن فضالة به وروى مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن حنين قال سمعت أبا هريرة يقول أقبلت مع النبي (ص)فسمع رجلا يقرأ {قل هو الله أحد} فقال رسول الله (ص)«وجبت» قلت وما وجبت؟ قال «الجنة» وأخرجه النسائي والترمذي وقال «حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث مالك» وروى أبو نعيم من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن مهاجر سمعت رجلا يقول صحبت رسول الله (ص)في سفر فسمع رجلا يقرأ {قل يا أيها الكافرون} فقال «قد برئ من الشرك» وسمع آخر يقرأ {قل هو الله أحد} فقال «غفر له» " وتلك ألأحاديث تتناقض مع القرآن فى أن المطلوب ليس تكرار قراءة سور معينة وإنما قراءة ما تيسر من القرآن بحيث تتم قراءة القرآن كله كما قال تعالى : " فاقرءوا ما تيسر منه " وقال : " أفلا يتدبرون القرآن " وتحدث عن أحاديث كثيرة تقول أن السورة ثلث القرآن فقال : "ومنها أنها تعدل ثلث القرآن ففي «صحيح البخاري» من حديث أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ {قل هو الله أحد} يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي (ص)فذكر ذلك له – وكأن الرجل يتقالها – فقال رسول الله (ص)«والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن» وقد روي عن أبي سعيد عن [أخي] قتادة بن النعمان به وفي «صحيح البخاري» أيضا من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي والضحاك المشرقي عن أبي سعيد قال قال رسول الله (ص) لأصحابه «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة» فشق ذلك عليهم وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال «الله الواحد الصمد ثلث القرآن» وفي «المسند» من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال بات قتادة بن النعمان يقرأ الليل كله بـ {قل هو الله أحد} فذكر ذلك للنبي (ص)فقال «والذي نفسي بيده لتعدل نصف القرآن أو ثلثه» وفي «المسند» أيضا من طريق ابن لهيعة حدثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أن أبا أيوب الأنصاري كان في مجلس وهو يقول ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة؟ فقالوا وهل يستطيع ذلك أحد ؟ قال فإن «قل هو الله أحد» ثلث القرآن قال فجاء النبي (ص)وهو يسمع أبا أيوب فقال «صدق أبو أيوب» وروى يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم – قال الترمذي اسمه سلمان – عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص)«احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن» فحشد من حشد ثم خرج نبي الله (ص)فقرأ {قل هو الله أحد} ثم دخل فقال بعضنا لبعض قال رسول الله (ص)«فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن» إني لأرى هذا خبرا جاءه من السماء ثم خرج نبي الله (ص)فقال «إني قلت سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا وإنها تعدل ثلث القرآن» أخرجه مسلم وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار عن أبي أيوب عن النبي (ص)قال «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فإنه من قرأ {قل هو الله أحد} في ليلة فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن» ورواه النسائي والترمذي عن بندار وروى الترمذي عن قتيبة أيضا عن ابن مهدي فهو لهما عشاري ولأحمد تساعي وفي رواية الترمذي عن امرأة أبي أيوب عن أبي أيوب به وذكر اختلافا في إسناده وروى أحمد عن هشيم عن حصين عن هلال بن يساف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب أو رجل من الأنصار قال قال رسول الله (ص)«من قرأ {قل هو الله أحد} فكأنما قرأ بثلث القرآن» ورواه النسائي في «اليوم والليلة» من طريق هشيم عن حصين عن أبي ليلى به من غير ذكر هلال بن يساف وروى الإمام أحمد أيضا عن وكيع بن سفيان عن أبي قيس عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود قال قال رسول الله (ص)«{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن» ورواه ابن ماجه والنسائي في «اليوم والليلة» من طرق وفي بعض طرقه وقفه ورواه أبو نعيم من طريق مسعر عن أبي قيس عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود الأنصاري كذا قال! ومن طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود وروى أبو نعيم من طريق على بن عاصم عن حصين عن هلال بن يساف عن ربيع بن خثيم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي (ص)قال «من قرأ {قل هو الله أحد} في يوم وليلة ثلاث مرات كانت تعدل ثلث القرآن» ورواه شعبة عن علي بن مدرك عن إبراهيم النخعي عن الربيع بن خثيم عن ابن مسعود عن النبي (ص) وروى أبو نعيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا أحمد بن حمدون بن رستم ثنا على بن إشكاب ثنا شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن محمد بن جحادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي (ص)«{قل هو الله أحد} ثلث القرآن» قال إبراهيم هكذا حدثني به وكتبه لي بخطه وإنما يحفظ الإسناد قراءة يس وروى يوسف بن عطية الصفار ثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب قال قال رسول الله (ص)«من قرأ {قل هو الله أحد} فكأنما قرأ ثلث القرآن وكتب له من الحسنات بعدد من أشرك بالله وآمن به» وفي «صحيح مسلم» من طريق قتادة عن سالم ابن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن رسول الله (ص)قال «أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن قالوا نعم قال إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقل هو الله أحد ثلث القرآن» وروى أمية بن خالد عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت قال رسول الله (ص)«{قل هو الله أحد} ثلث القرآن» رواه أحمد والنسائي في «اليوم والليلة» ورواه أيضا من طريق مالك عن الزهري عن حميد من قوله ورواه أيضا من طريق ابن اسحاق عن الحارث بن فضيل عن الزهري عن حميد أن نفرا من أصحاب محمد (ص)حدثوه عن النبي (ص)أنه قال «{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن لمن صلى بها» وروى الحافظ أبو يعلى عن قطن بن نسير عن عبيس بن ميمون عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي (ص)قال «أما يستطيع أحدكم أن يقرأ {قل هو الله أحد} ثلاث مرات في ليلة فإنها تعدل ثلث القرآن» إسناده ضعيف ويستدل به على أن المراد بكونها تعدل ثلث القرآن أجره وثوابه كما يستدل بحديث أبي الدرداء المتقدم على أنها جزء التوحيد من القرآن وأنه ثلاثة أجزاء توحيد وتشريع وقصص" ونلاحظ التناقض فى الأحاديث ما بين كونها ثلث أو نصف القرآن والخطأ هنا هو أن سورة الإخلاص ثلث القرآن ،لنا أن نتساءل ما هى أثلاث القرآن ؟ قطعا لا رد ودعونا نتساءل هل المراد ثلث المعانى أم الألفاظ ؟إذا كان أراد المعانى فإن هذه السورة لا تشكل إلا أقل من 1%من معانى القرآن بدليل عدم ورود أحكام فيها سوى 5أو 6على الأكثر بينما القرآن فيه ألوف الأحكام وإذا كان الرد الألفاظ فألفاظها مجتمعة لا تشكل واحد من مائة ألف ثم دعونا نتساءل كيف يساوى قليل ثلث القرآن إذا كان لا تفاضل بين سور القرآن فى أى شىء لأنها كلها كلام الله وكلام الله سواء فى المصدر وفى العمل به وتحدث عن أحاديث تجعلها كافية من الشر ما نعة له فقال : "ومنها أن قراءتها تكفي من الشر وتمنعه وقد ثبت في «صحيح البخاري» عن عائشة أن النبي (ص)كان إذا أوى إلى فراشه قرأها مع المعوذتين ومسح ما استطاع من جسده وروى أبو داود والترمذي والنسائي من طريق معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن النبي (ص)قال له «{قل هو الله أحد} والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح (ثلاثا) تكفيك كل يوم» وصححه الترمذي ورواه النسائي من طريق أخرى عن معاذ عن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عقبة بن عامر فذكره ولفظه «تكفك كل شيء» عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن عقبة بن عامر الجهني قال قال لي رسول الله (ص)«قل» قلت وما أقول قال «{قل هو الله أحد} {قل أعوذ برب الفلق} {قل أعوذ برب الناس}» فقرأهن رسول الله (ص)ثم قال «لم يتعوذ الناس بمثلهن أو لا يتعوذ الناس بمثلهن» وقال البزار في «مسنده» حدثنا إبراهيم الجوهري ثنا غسان بن عبيد عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص)«إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} فقد أمنت من كل شيء إلا الموت» " والخطأ فى الأحاديث أن قراءة سورة الإخلاص تحمى من كل ضرر ويخالف هذا أن الله أصاب المسلمين بالخوف والجوع والنقص فى الأنفس والأموال والثمرات وهذه الأنواع كلها أضرار وفى هذا قال تعالى "ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأنفس والأموال والثمرات "ولو كانت القراءة تحمى من الأضرار فلماذا تصيبنا الهزائم والكوارث والأمراض رغم أن مسلمى العصر يكثرون من القراءة ؟أليس هذا عجيبا ؟ وتحدث عن كونها أفضل سور القرآن فذكر أحاديث وهى : "ومنها أنها أفضل سور القرآن فروى الدارمي في «مسنده» عن أبي المغيرة عن صفوان عن أيفع بن عبيد الكلاعي قال قال رجل يا رسول الله أي سور القرآن أعظم؟ قال {قل هو الله أحد} وفي «المسند» من طريق معاذ بن رفاعة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر قال قال لي رسول الله (ص)«ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم ؟» قلت بلى قال فأقرأني {قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} ثم قال لي «يا عقبة لا تنسهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن» وروى الترمذي بعض هذا الحديث وحسنه ورواه أحمد أيضا بطوله من طريق أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد عن عقبة بن عامر به ومنها أن الدعاء بها مستجاب ففي السنن الأربعة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي (ص)سمع رجلا يصلي يدعو يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال «والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» وقال الترمذي حسن غريب وفي «المسند» عن محجن بن الأدرع أن النبي (ص)دخل المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد وهو يقول اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم فقال نبي الله (ص)ثلاث مرات «قد غفر له قد غفر له قد غفر له»" وتلك الأحاديث فى جعل سورة أعظم من بقية السور هو تخريف لأن الله وصف القرآن كله بنفس الوصف وهو العظمة فقال : " ولقد آتيناك سبها من المثانى والقرآن العظيم" وتحدث عن تكرار قراءتها عشرات أو مئات المرات منبها لضعف الأحاديث فقال : "وقد ورد في تكرير قراءتها خمسين مرة أو أكثر من ذلك وعشر مرات عقيب كل صلاة أحاديث كثيرة فيها ضعف وكذلك حديث معاوية بن معاوية الليثي خرجه الطبراني وأبو يعلى من طرق كلها ضعيفة فلم نذكرها " وتحدث عن سبب نزولها فقال : "وأما سبب نزولها ففي «المسند» والترمذي عن أبي سعيد الصاغاني محمد بن مبشر عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا للنبي (ص)انسب لنا ربك يا محمد؟ فأنزل الله {قل هو الله أحد} ورواه الترمذي من طريق عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية مرسلا وقال هذا أصح من حديث أبي سعيد ورواه أبو يعلى الموصلي والطبراني وابن جرير من طريق شريح بن يونس عن إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن الشعبي عن جابر أن أعرابيا جاء إلى رسول الله (ص)فقال انسب لنا ربك فأنزل {قل هو الله أحد} إلى آخرها وروي مرسلا وروى عبيد بن إسحاق العطار عن قيس بن الربيع عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود قال قالت قريش لرسول الله (ص)انسب لنا ربك فنزلت {قل هو الله أحد} قال الطبراني ورواه الفريابي وغيره عن قيس بن عاصم عن أبي وائل مرسلا وروى ابن أبي حاتم في «تفسيره» حدثنا أبو زرعة ثنا العباس بن الوليد ثنا يزيد بن زريع ثنا علي بن الحسين ثنا أبو عبد الله الحرشي ثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن اليهود جاءت إلى النبي (ص)منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف فقالوا يا محمد صف لنا الذي بعثك؟ فأنزل الله {قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد} فيخرج منه الولد {ولم يولد} فيخرج من شيء " وانتهى ابن رجب إلى أن كل أحاديث نزول السورة ضعيفة لا يؤخذ بخا فقال : "قلت فتحصل بعد هذا أن أسباب النزول التي وردت في هذه السورة ضعيفة الإسناد مع اختلاف الأسباب الواردة في ذلك" ثم ذكر التفسير فقال : "وأما التفسير: فقوله{قل} هذا افتتاح للسورة بالأمر بالقول كما في المعوذتين وسورة الجن وقد سئل النبي (ص)عن المعوذتين فقال «قيل لي فقلت» وذلك إشارة منه أنه (ص)مبلغ محض لما يوحى إليه ليس فيه تصرف لما أوحاه الله إليه بزيادة ولا نقص وإنما هو مبلغ لكلام ربه كما أوحاه إليه فإذا قال {قل هو الله أحد} كان امتثالا للقول الذي قيل له بلفظه لا بمعناه و {هو} اسم مضمر قيل إنه ضمير الشأن وقيل لا و {الله أحد} إن قيل هو ضمير الشأن فالجملة مبتدأ وخبر وإن قيل لا ففيه وجهان أحدهما أن {هو} مبتدأ و {الله أحد} مبتدأ وخبر وهما خبر للمبتدأ الأول ولا حاجة فيه إلى ربط لأن الخبر هو المبتدأ بعينه والثاني أن {هو} مبتدأ و {الله} خبره و {أحد} بدل منه و {أحد} اسم من أسماء الله يسمى الله به ولا يسمى غيره من الأعيان به فلا يسمى شيء من الأشياء أحدا في الإثبات إلا في الأعداد المطلقة وإنما يسمى به في النفي وما أشبهه من الاستفهام والنهي والشرط كقوله {ولم يكن له كفوا أحد} وقوله {هل تحس منهم من أحد} [مريم 98] وقوله {فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن 18] وقوله {وإن أحد من المشركين استجارك} [التوبة 6] ونحوه" والتفسير السابق تفسير لغوى غير مفيد وتحدث عن الفرق اللغوى بين الواحد والأحد فقال : "والأحد هو الواحد في إلهيته وربوبيته وفسره أهل الكلام بما لا يتجزأ ولا ينقسم فإن أريد بذلك أنه ليس مؤلفا مركبا من أجزاء متفرقة فصحيح أو أنه غير قابل للقسمة فصحيح وإن أريد أنه لا يتميز منه شيء عن شيء وهو المراد بالمجسم عندهم فباطل قال ابن عقيل الذي يصح من قولنا مع إثبات الصفات أنه واحد في إلهيته لا غير والأحد هو الواحد قال ابن الجوزي قاله ابن عباس وأبو عبيدة وفرق قوم بينهما قال الخطابي الفرق بين الأحد والواحد أن الواحد هو المتفرد بذاته فلا يضاهيه أحد والأحد المنفرد بصفاته ونعوته فلا يشاركه فيها أحد وقيل بينهما فرق آخر وهو أن الأحد في النفي نص في العموم بخلاف الواحد فإنه محتمل للعموم وغيره فتقول ما في الدار أحد ولا يقال بل اثنان ويجوز أن يقال ما في الدار واحد بل اثنان وفرق بعض فقهاء الحنفية بينهما وقال الأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية بحال والواحد يحتملها لأنه يقال مائة واحدة وألف واحدة ولا يقال مائة أحد ولا ألف أحد وبني على ذلك مسألة محمد بن الحسن التي ذكرها في «الجامع الكبير» إذا كان أربع نسوة فقال والله لا أقرب واحدة منكن صار موليا منهن جميعا ولم يجز له أن يقرب واحدة منهن إلا بكفارة ولو قال والله لا أقرب إحداكن لم يصر موليا إلا من إحداهن والبيان إليه وقال العسكري أصل أحد أوحد مثل أكبر وإحدى مثل كبرى فلما وقعا اسمين وكانا كثيري الاستعمال هربوا إلى الكسرة ليخف وحذفوا الواو ليفرقوا بين الاسم والصفة؛ وذلك أن أوحد اسم وأكبر منه والواحد فاعل من وحد يحد وهو واحد مثل وعد يعد فهو واعد سؤال قوله {الله أحد} ولم يقل الأحد كما قال الصمد جوابه أن الصمد يسمى به غير الله كما يأتي ذكره فأتى فيه بالألف واللام ليدل على أنه – سبحانه – هو المستحق لكمال الصمدية فإن الألف واللام تأتي لاستغراق الجنس تارة ولاستغراق خصائص أخرى كقوله زيد هو الرجل أي الكامل في صفات الرجولة فكذلك قوله {الله الصمد} أي الكامل في صفات الصمدية وأما الأحد فلم يتسم به غير الله فلم يحتج فيه إلى الألف واللام" وكل هذا لا يهم قارىء القرآن أو سامعه فهو كلام لغوى ومن تفسر الكلمة بكون شىء واحد غير متبعض وكفى دون الدخول فى تلك الفروق اللغوية وتحدث عن معنى الصمد ذاكرا خلافات القوم فقال : "قوله {الله الصمد} أعاد الاسم المبتدأ تأكيدا للجملة وخبره {الصمد} وقيل هو نعت والخبر ما بعده و {الصمد} اختلفت عبارات السلف في معناه وهي متقاربة أو متفقة والمشهور منها قولان أحدهما أن {الصمد} هو السيد الذي تصمد إليه الخلق في حوائجهم ومطالبهم وهو مروي عن ابن عباس وغيره من السلف قال ابن الأنباري لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم وقال الزجاج هو الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء أي قصد قصده وأنشدوا لقد بكر الناعي بخير بنى أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد وأنشدوا أيضا علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد وفي «تفسير ابن أبي حاتم» بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال الصمد الذي تصمد إليه الأشياء إذا نزل بهم كربة أو بلاء وعن إبراهيم قال الذي يصمد إليه العباد في حوائجهم وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الصمد؛ السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله – سبحانه – هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفو وليس كمثله شيء سبحانه الله الواحد القهار والقول الثاني أن الصمد الذي لا جوف له وأنه الذي لا يأكل ولا يشرب والذي لا حشو له وأنه الذي لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء ونحو هذه العبارات المتقاربة في المعنى وروي ذلك عن ابن مسعود وقد سبق في حديث أبي هريرة المذكور في أول تفسير السورة والصمد الذي ليس بأجوف وروي ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن سعيد – قائد الأعمش – حدثني صالح بن حيان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال لا أعلم إلا أنه قد رفعه قال «الصمد الذي لا جوف له» وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود قال الصمد ليس له حشاء وروي عن ابن عباس أيضا وعكرمة الصمد الذي لا يطعم وعنه الصمد الذي لم يخرج منه شيء وعن الشعبي الصمد الذي لا يأكل ولا يشرب وعن مجاهد هو المصمت الذي لا جوف له وقالت طائفة الصمد الذي لم يلد ولم يولد؛ كأنهم جعلوا ما بعده تفسيرا له وهو مما تقدم أنه الذي لم ينفصل من شيء وروي ذلك عن أبي بن كعب والربيع بن أنس وتوجيه ذلك أن الولادة والتوليد إنما يكون من أصلين وما كان عينا قائما بنفسه من المتولدات فلا بد له من مادة يخرج منها وما كان عرضا قائما بغيره فلا بد له من محل يقوم به فالأول نفاه بقوله أحد فإن الأحد هو الذي لا كفو له ولا نظير فيمتنع أن يكون له صاحبة والتولد إنما يكون بين شيئين وكونه تعالى أحدا ليس أحد كفوا له يستلزم أنه لم يلد ولم يولد لأن الوالد والولد متماثلان متكافئان وهو تعالى أحد لا كفو له وأيضا فالتولد يحتاج إلى زوجة وهي مكافئة لزوجها من وجه وذلك أيضا ممتنع ولهذا قال تعالى {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} [الأنعام 101] وقد فسر مجاهد الكفو هاهنا بالصاحبة وأما الثاني وهو انفصال المادة فنفاه – سبحانه – بأنه الصمد وهو المتولد من أصلين ربما يتكون من جزئين ينفصلان من الأصلين كتولد الحيوان من أبيه وأمه بالمني الذي ينفصل منهما وكالنار المتولدة من بين الزندين سواء كانا خشبين أو حجرين وحديدا وهو – سبحانه – صمد لا يخرج منه شيء منفصل عنه والحيوان نوعان متوالد وهو ما ولده من جنسه وهو الإنسان وما يخلق من أبوين من البهائم والطير وغيرهما ومتولد وهو ما يخلق من غير جنسه كدود الفاكهة والخل وكالقلم المتولد من الوسخ والفار والبراغيث وغير ذلك مما يخلق من التراب والماء إنما يتولد من أصلين أيضا كما خلق آدم من تراب وماء وإلا فالتراب المحض الذي لم يختلط به ماء لا يخلق منه شيء لا حيوان ولا نبات والنبات جميعه إنما يتولد من أصلين أيضا والمسيح – عليه السلام – خلق من مريم ونفخة جبريل وهي حملت به كما تحمل النساء وولدته فلهذا يقال له ابن مريم بخلاف حواء فإنها خلقت من ضلع آدم فلا يقال أنه أبوها ولا هي ولده وكذلك سائر المتولدات من غيرهما كما أن آدم لا يقال أنه ولد التراب ولا الطين والمتولد من جنسه أكمل من المتولد من غير جنسه ولهذا كان خلق آدم أعجب من خلق أولاده فإذا نزه الرب عن المادة العلق وهي التولد من النظير فتنزه به عن تولده من غير نظير أولى كما أن تنزيهه عن الكفو تنزيه له عن أن يكون غيره أفضل منه بطريق الأولى فتبين أن ما يقال أنه متولد من غيره من الأعيان القائمة بنفسها لا يكون إلا من مادة تخرج من ذلك الوالد ولا تكون إلا من أصلين والرب تعالى صمد فيمتنع أن يخرج منه شيء وهو – سبحانه – لم يكن له صاحبة فيمتنع أن يكون له ولد وأما تولد الأعراض كتولد الشعاع وتولد العلم عن الفكرة والشبع عن الأكل والحرارة عن الحركة ونحو ذلك فهذا ليس من تولد الأعيان مع أن هذا لا بد له من محل ولا بد له من أصلين كالشعاع فإنه يحتاج إلى محاذاة جسم نوري لجسم آخر يقابله فينعكس عليه شعاعه فقد تضمنت هذه السورة العظيمة نفي نوعين عن الله تعالى أحدهما المماثلة ودل على نفيها قوله تعالى {ولم يكن له كفوا أحد} مع دلالة قوله {قل هو الله أحد} على ذلك؛ لأن أحديته تقتضي أنه متفرد بذاته وصفاته فلا يشاركه في ذلك أحد والثاني نفي النقائص والعيوب وقد نفى منها التولد من الطرفين وتضمنت إثبات جميع صفات الكمال بإثبات الأحدية؛ فالصمدية تثبت الكمال المنافي للنقائص والأحدية تثبت الانفراد بذلك فإن الأحدية تقتضي انفراده بصفاته وامتيازه عن خلقه بذاته وصفاته والصمدية إثبات جميع صفات الكمال ودوامها وقدمها؛ فإن السيد الذي يصمد إليه لا يكون إلا متصفا بجميع صفات الكمال التي استحق لأجلها أن يكون صمدا وأنه لم يزل كذلك ولا يزال فإن صمديته من لوازم ذاته لا تنفك عنه بحال ومن هنا فسر الصمد بالسيد الذي قد انتهى سؤدده وفسره عكرمة بالذي ليس فوقه أحد وروي عن علي وعن كعب أنه الذي لا يكافئه أحد في خلقه وعن أبي هريرة قال هو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد وعن سعيد بن جبير قال هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وعن الربيع قال هو الذي لا تعتريه الآفات وعن مقاتل بن حيان قال هو الذي لا عيب فيه وعن ابن كيسان هو الذي لا يوصف بصفته أحد وعن قتادة الصمد الباقي بعد خلقه وعن مجاهد ومعمر هو الدائم وعن مرة الهمداني هو الذي لا يبلى ولا يفنى وعنه أيضا هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء؛ لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فقد تضمنت هذه السورة العظيمة إثبات صفات الكمال ونفي النقائص والعيوب من خصائص المخلوقين من التولد والمماثلة وإذا كان منزها عن أن يخرج منه مادة الولد التي هي أشرف المواد فلأن نزه عن خروج مادة غير الولد أولى وكذلك تنزيهه نفسه عن أن يولد فلا يكون من مثله تنزيه له عن أن يكون من سائر المواد بطريق الأولى فمن أثبت لله ولدا فقد شتمه وقد ثبت في «صحيح البخاري» عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال «يقول الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد» وفي «صحيح البخاري» أيضا عن ابن عباس عن النبي (ص)قال «قال الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن اتخذ صاحبة أو ولدا» وقد رد الله على من زعم أنه لا يعيد الخلق وعلى من زعم أنه له ولد كما تضمنه هذا الحديث في قوله {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا} [مريم 66] إلى قوله {لقد جئتم شيئا إدا} [مريم 89] وفي «صحيح البخاري» أيضا عن النبي (ص)قال «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولد وهو يرزقهم ويعافيهم» فهذه السورة الكريمة تضمنت نفي ما هو من خصائص آلهة المشركين عن رب العالمين حيث جاء في سبب النزول أنهم سألوا النبي (ص)عن ربه أي شيء هو؟ أمن كذا أم من كذا أو ممن ورث الدنيا ولمن يورثها حيث كانوا قد اعتادوا آلهة يلدون ويولدون ويرثون ويورثون وآلهة من مواد مصنوعة منها فأنزل الله هذه السورة" والصمد هو الباقى الحى الذى لا يموت وليس كل كل تلك الخلافات التى لا نهاية لها والتى استغرقت عشرات الصفحات وهذا لا يهم تالى القرآن فى شىء وتحدث عن كونه لا يلد ولا يولد فقال : "وفي «المسند» من حديث أبي بن كعب بعد ذكر نزولها لأنه ليس أحد يولد ولا أحد يرث إلا يورث يقول كل من عبد من دون الله وقد ولد مثل المسيح والعزير وغيرهما من الصالحين ومثل الفراعنة المدعين الإلهية فهذا مولود يموت وهو إن كان قد ورث من غيره ما هو فيه فإذا مات ورثه غيره والله – سبحانه – حي لا يموت ولا يورث سبحانه وتعالى والله أعلم سؤال نفى سبحانه الولادة قبل نفي التولد والتولد أسبق وقوعا من الولادة في حق من هو متولد وجوابه أن الولادة لم يدعها أحد في حقه – سبحانه – وإنما ادعوا أنه ولد فلذلك قدم نفيه لأنه المهم المحتاج إلى نفيه سؤال آخر كيف نفى أن يكون مولودا ولم يعتقده أحد؟ جوابه من وجهين أحدهما أنهم سألوا عمن ورث الدنيا؟ ولمن يورثها؟ وهذا يشعر بأن منهم من اعتقد ذلك والثاني أنه نفى عن نفسه – سبحانه – خصائص آلهة المشركين فإن منهم من عبد المسيح ومنهم من عبد العزير وهما مولودان ومنهم من عبد الملائكة والعجل وهي متولدات وقد تقدم أن نفي الولادة تدل على نفي المتولد بطريق الأولى فائدة قال ابن عطية {كفوا} خبر كان واسمها أحد والظرف ملغي وسيبويه يستحسن أن يكون الظرف إذا تقدم خبرا ولكن قد يجيء ملغيا في أماكن يقتضيها المعنى كهذه الآية وكقول الشاعر أنشده سيبويه ما دام فيهن فصيل حيا ويحتمل أن يكون {كفوا} حالا لما قدم من كونه وصفا للنكرة كما قال كثير لعزة لمية موحشا طلل قال سيبويه وهذا نقل في الكلام وبابه الشعر فهذه السورة تتضمن انفراده ووحدانيته وأنه منقطع النظير وأنه إنما نزه عن أن يكون من أجناس المخلوقات لأن أفراد كل جنس من هذه الأجناس متكافئة مماثلة الذهب يكافئ الذهب والإنسان يكافئ الإنسان ويزاوجه ولهذا قال تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين} [الذاريات 49] فما من مخلوق إلا ولهو كفو هو زوجه ونظيره وعدله ومثيله فلو كان الحق من جنس شيء من هذه الأجناس لكان له كفو وعدل وقد علم انتفاؤه بالشرع والعقل فهذه السورة هي نسب الرحمن وصفته وهي التي أنزلها الله في نفي ما أضاف إليه المبطلون من تمثيل وتجسيم وإثبات أصل وفرع فدخل فيها ما يقوله من يقوله من المشركين والصابئة وأهل الكتاب ومن دخل فيهم من منافقي هذه الأمة من تولد الملائكة أو العقول أو النفوس أو بعض الأنبياء أو غير الأنبياء ودخل فيها ما يقوله من يقوله من المشركين وأهل الكتاب من تولده عن غيره كالذين قالوا في المسيح أنه الله والذين يقولون في الدجال أنه الله والذين يقولون ذلك في علي وغيره ودخل ما يقوله من يقول من المشركين وأهل الكتاب من إثبات كفو له في شيء من الأشياء مثل من يجعل له بتشبيهه أو بتجسيمه كفوا له أو يجعل له بعبادة غيره كفوا أو يجعل له بإضافة بعض خلقه إلى غيره كفوا فلا كفو له في شيء من صفاته ولا في ربوبيته ولا في إلهيته فتضمنت هذه السورة تنزيهه وتقديسه عن الأصول والفروع والنظراء والأمثال وليس في المخلوقات شيء إلا ولا بد أن ينسب إلى بعض هذه الأعيان والمعاني فالحيوان من الآدمي وغيره لا بد أن يكون له إما والد وإما مولود وإما نظير هو كفؤه وكذلك الجن والملائكة كما قال تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات 49] قال بعض السلف {لعلكم تذكرون} فتعلمون أن خالق الأزواج واحد قال تعالى {والشفع والوتر} [الفجر 3] قال مجاهد كل شيء خلقه الله فهو شفع قال تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات 49] الكفر والإيمان والهدى والضلالة والشقاوة والسعادة والليل والنهار والسماء والأرض والبر والبحر والشمس والقمر والجن والإنس والوتر الله تبارك وتعالى وهو الذي ذكره البخاري في «صحيحه» فإنه يعتمد قول مجاهد لأنه أصح التفسير قال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به واختاره الشيخ/ مجد الدين ابن تيمية" وتحدث عن معنى الكفؤ فقال : "وحقيقة الكفؤ هو المساوي والمقاوم؛ فلا كفو له تعالى في ذاته ولا في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله ولا في ربوبيته ولا في إلهيته ولهذا كان الإيمان بالقدر نظام التوحيد كما قال ابن عباس لأن القدرية جعلوا له كفوا في الخلق وأما توحيد الإلهية فالشرك فيه تارة يوجب الكفر والخروج من الملة والخلود في النار ومنه ما هو أصغر كالحلف بغير الله والنذر له وخشية غير الله ورجائه والتوكل عليه والذل له وقول القائل ما شاء الله وشئت ومنه ابتغاء الرزق من عند غير الله وحمد غيره على ما أعطى والغنية بذلك عن حمده ومنه العمل لغير الله وهو الرياء وهو أقسام ولهذا حرم التشبه بأفعاله بالتصوير وحرم التسمي بأسمائه المختصة به كـ (الله) و (الرحمن) و (الرب) وإنما يجوز التسمية به مضافا إلى غير من يعقل وكذلك الجبار والمتكبر والقهار ونحو ذلك كالخلاق والرزاق والدائم ومنه ملك الملوك وقد جعل ابن عقيل التسمية بهذا مكروهة قال ابن عقيل كل ما انفرد به الله كـ (الله) و (رحمن) و (خالق) لا يجوز التسمي به وكلما وجد معناه في الآدمي فإن كان يوجد تكبرا كالملك العظيم والأعظم وملك الملوك والجبار فمكروه والصواب الجزم بتحريمه فأما ما يتسمى به المخلوقون من أسمائه كالسميع والبصير والقدير والعليم والرحيم فإن الإضافة قاطعة للشركة وكذلك الوصفية فقولنا زيد سميع بصير لا يفيد إلا صفة المخلوق وقولنا الله سميع بصير يفيد صفته اللائقة به فانقطعت المشابهة بوجه من الوجوه ولهذا قال تعالى {هل تعلم له سميا} [مريم 65] وفيه قولان أحدهما نفي التسمية والثاني نفي المساواة وقد نفى – سبحانه – عن نفسه المثلية بقوله {ليس كمثله شيء} [الشورى 11] ونفى عن العدل والتسوية بقوله {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} [الأنعام 1] وقوله {قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين} [الشعراء 96 - 98] ونفى عنه الند بقوله {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [البقرة 22] وقوله {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا} [فصلت 9] وفي الحديث أي الذنب أعظم؟ قال «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» وقال للذي - قال له ما شاء الله وشئت - «أجعلتني لله ندا؟» وفي رواية «أجعلتني لله عدلا» وقال كعب السموات السبع والأرضون السبع أسست على هذه السورة {قل هو الله أحد} ومعنى هذا – والله أعلم – أن السموات والأرض إنما خلقت بالحق والعدل والتوحيد كما قال {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق} [الدخان 38 39]" قطعا لا يمكن أن يكون تفسير سطر مئات أو آلاف السطور فهذا تضييع لوقت الناس وادخالهم فى متاهات لا طائل منها وإنما التفسير يكون بألفاظ سهلة لا تتعدى صفحة مثل : سورة الإخلاص سميت بهذا الاسم وهو من النوادر فى القرآن كالفاتحة حيث لم يذكر فى السورة . "بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "المعنى بحكم الرب النافع المفيد قل هو الله واحد الرب الباقى لم ينجب ولم ينجب ولم يكن له ندا أحدا،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يقول للناس :الله أحد والمراد واحد لا ثانى له ،الله الصمد أى الله الحى الذى لا يموت ،لم يلد أى لم ينجب أولادا ولم يولد والمراد ولم ينجبه أحد ،ولم يكن له كفوا أحد والمراد ولم يكن له ندا أحدا وهذا يعنى عدم وجود مثيل له والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس | |
|